يَعنِي: حتى في بَقائهم عِندك يَكونون مَلعونين مَطرودِين مُبعَدين لا يَألَفُهم أحَدٌ ولا يَحنو عليهم.
ثُمَّ قال تعالى:{أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{أَيْنَمَا ثُقِفُوا} وُجِدوا {أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا}]، {أَيْنَمَا} هذه أداة شَرْط تُفيد العُموم في المَكان، وفِعْل الشَّرْط قولُه تعالى:{ثُقِفُوا} وجَواب الشَّرْط {أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا}، يَقول رَحِمَهُ اللَّهُ:[أي: الحُكْم فيهم هذا على جِهة الأَمْر به]، الجُمْلة:{أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا} جُملة خبَرية؛ لأنها شرْطية، والجُمْلة الشَّرْطية خبَرية، لكنها خَبَرية بمَعنَى الإِنْشاء، أي: بمَعنَى الأَمْر والطلَب؛ أي: أينما وجَدْتمُوهم فخُذوهم واقتُلوهم.
وفي قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{تَقْتِيلًا} المَصدَر مُؤكِّد دَليل على أنهم يُقتَلون أفرادًا وجماعاتٍ.
وهذه الآيةُ -لا شَكَّ- أن فيها وَعيدًا لهؤلاء الذين جمَعوا هذه الأَوْصافَ المُنافِقين والذين في قُلوبهم مرَض والمُرجِفين في المدينة، فيها وَعيد؛ والبَحْث فيها:
البَحْث الأوَّل: هل هذه الأَوْصافُ لمَوْصوف واحِد أو أنها لأُناس مُتعَدِّدين؟
هل المَعنَى أنهم مُنافِقون وفي قُلوبهم مرَض ومُرجِفون، فالأَوْصاف هذه لمَوصوف واحِد، وصَحَّ العَطْف؛ لأنه من باب عَطْف الصِّفَة كما في قوله تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (٣) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى}، وهو واحِد لا مُتعَدِّد فالعَطْف هنا عَطْف صِفات، فهل نَقول: إن هذه عَطْف صِفات وأنها لمَوْصوف واحِد. أو نَقول: إنها عَطْف أَعيانٍ مَوْصوفين ليسَت لموصوف واحِد؟