للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ليس له فيه تَصرُّف، فإذا انتَفَى عِلْمه بما له فيه تَصرُّف، وهو الانتِقال من مَكانٍ لآخَرَ فانتِفاء عِلْمه بما لا يَتَصرَّف فيه من بابِ أَوْلى.

وقوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا يُدْرِيكَ} قال المُفَسِّر: [يُعلِمكَ بها] أي: أنت لا تَعلَمها، {وَمَا يُدْرِيكَ}: (ما) يُحتَمَل أن تَكون نافِيةً يَعنِي: لا يُدرِيك عنها شيء، ويُحتَمَل أن تَكون استِفْهاميَّة يَعنِي: أيُّ شيء يُعلِمك بها حتى تُسأَل عنها، وأيًّا كان، فاللَّه تعالى يَنفِي عِلْم رَسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- بها، ويَقول له: {وَمَا يُدْرِيكَ}.

وقوله تعالى: {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ} تُوجَد {قَرِيبًا} ظاهِر صَنيع المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ أو المُفسِّر أن قوله تعالى: {لَعَلَّ السَّاعَةَ} جُمْلة مُستَأنَفة لا عَلاقةَ لها بالفِعْل الذي قَبْلها، وأنها جُمْلة مُستَأْنَفة مِن اللَّه تعالى يَعنِي: لا تَدرِي عنها أنت، ولكنها قريبة.

وقوله تعالى: {لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} و {لَعَلَّ} هنا للتَّوقُّع أي: أنها مُتوقَّعة، وذهَب بعضُ المُعرِبين إلى أن قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {لَعَلَّ السَّاعَةَ} مَفعول لِقوله تعالى: {يُدْرِيكَ} مَفعول ثانٍ وثالِث، لكنه عُلِّق بـ {لَعَلَّ}؛ لأن (لعَلَّ) من المُعلِّقات يَعنِي: وما يُدريك عن تَوقُّع قُرْبها، يَعنِي: لا تَدرِي عن قُرْبها أيضًا، ومَن لم يَدْرِ عن قُرْبها لا يَدرِي عن وُقوعها من بابِ أَوْلى، و (لعَلَّ) في القرآن تَكون للتأكيد، وقد تَكون للتعليل أيضًا، مثل {فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: ٩٠]، وما أَشبَهَها، لكن لا تَكون للرَّجاء، وبعضُهم قال: تَكون للرَّجاء باعتِبار المُخاطَب لا باعتِبار المُتكَلِّم.

وأيًّا كان، فاللَّه عَزَّ وَجَلَّ نفَى أن يَكون النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عالمًا بها أو بقُرْبها، وإذا انتَفَى عِلْم النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بذلك فعِلْم غيره من بابِ أَوْلى أن يَنتَفِيَ.

ثُمَّ إن السُّؤال عن الساعة ليس بذِي قيمة كبيرة، القيمة الكبيرة ما أَشار إليه

<<  <   >  >>