وقوله تعالى:{رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ في السبيل: [طَريق الهُدَى {رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ} أي: مِثلَيْ عَذابِنا. . .] اللَّهُ أَكبَرُ! كانوا في الدنيا يُجِلُّونهم ويَحتَرِمونهم ويُعظِّمونهم ويُؤثِرونهم على أَنفُسهم، وفي الآخِرة على العكس، قال تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (١٦٦) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا} [البقرة: ١٦٦ - ١٦٧]، فالمَتْبوعون يَتبَرَّؤُون، وهؤلاءِ أيضًا يَشتُمون ويَلعَنون، يَقولون:{رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ}.
وهم بهذا الدُّعاءِ ليسوا جائِرِين؛ لأنهم أَرادوا بالضِّعْفين أنَّ هؤلاءِ الكُبرَاءَ ضلُّوا وأَضَلُّوا، فيَكون عليهم إِثْمانِ: إِثْم الضلال بأنفُسهم، وإِثْم الإِضْلال بغيرهم، ولهذا قال النبيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:"مَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ"(١)، وقال تعالى:{وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ}[العنكبوت: ١٣]، فدُعاء هؤلاءِ الأَتْباعِ دُعاء عَدْل وليس دُعاءَ جَوْر، لأن هؤلاءِ المَتْبِوعين مُستَحِقُّون للعَذاب مرَّتَيْن.
قوله تعالى:{رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا} يَقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَالْعَنْهُمْ} عذِّبْهم]، ففَسَّر اللعنة بالعَذاب، لأنهم في النار، فهم مَطرودون عن رحمة اللَّه، ولكن لو أنَّ المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ أَبْقاها على ما هي عليه لكان حَقًّا، فتقول: الْعَنْهُم، يَعنِي: أَبْعِدْهم إبعادًا كبيرًا عن رَحْمتك؛ حتى لا تَرحَمَهم يومًا من الدَّهْر.
وقوله تعالى:{كَبِيرًا} يَقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: ["كثيرًا" عدَدُه، وفي قِراءةٍ
(١) أخرجه مسلم: كتاب الزكاة، باب الحث على الصدقة، رقم (١٠١٧)، من حديث جرير بن عبد اللَّه البجلي -رضي اللَّه عنه-.