الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةُ: أن السادة والكُبَراء المُضلِّين لا يَنفَعون أَتباعهم يوم القِيامة، ووجهه قوله تعالى:{لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا}؛ ولأنهم دَعَوْا على هؤلاء:{رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ}، ولو كانوا يَنفَعونهم ما دَعَوْا عليهم.
الْفَائِدَةُ التَّاسِعَةُ: التَّحذير من جُلَساء السُّوء، ووجهُه قوله تعالى:{فَأَضَلُّونَا}، فكُلُّ إنسان ترى أنه سيُضِلُّك عن سَبيل اللَّه تعالى فالواجِب عليك البُعْد عنه، وقد قال اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مُخطِرًا عن هذه الحالِ: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (٢٧) يَاوَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا} [الفرقان: ٢٧ - ٢٨]، {فُلَانًا} هذا ليس من الكُبَراء والسادة، بل أي فلان، {يَاوَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (٢٨) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي} [الفرقان: ٢٨ - ٢٩]، وهذه هي النُّقْطة، فسيَكون قوله هنا:{فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا} يَعنِي: بعد أن جاءَهُم الذِّكْر وتَبيَّن لهم الحَقُّ تابَعوا هؤلاءِ فصارت عليهم هذه العُقوبةُ.
الْفَائِدَةُ الْعَاشِرَةُ: أن الدار الآخِرة لا يَنقَطِع فيها التكليف انقِطاعًا تامًّا، فاللَّه تعالى أَثبَتَ أن هؤلاء يَدْعون اللَّه تعالى، والدعاء نَوْع من العِبادة، ولا نَقول: إن الآخِرة ليس فيها دُعاءٌ، ولا فيها سُجودٌ، ولا فيها عمَل، بل فيها، لكنها ليست كالدُّنيا، وإلَّا فإن اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَقول في سورة (ن): {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ}[القلم: ٤٢]، هذا تَكليف:{خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ}[القلم: ٤٣].
الْفَائِدَةُ الحَادِيَةَ عَشْرَةَ: بَيان شِدَّة بُغْض هَؤلاء الأَتْباعِ للمَتبوعين، يَعنِي: أنهم دَعَوْا أنَّ اللَّه تعالى يُضاعِف عليهم العَذاب ويَلعَنهم أيضًا، وليس لَعْنًا قليلًا، بل كثيرًا وكبيرًا أيضًا، لقوله تعالى:{وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا}.