عنه أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"رَحِمَ اللَّهُ أَخِي مُوسَى لَقَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَصَبَرَ"(١).
وقوله تعالى:{لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى} هو مُوسى بنُ عِمرانَ -صلى اللَّه عليه وسلم- أَفضَلُ أَنبِياءِ بني إسرائيلَ؛ وبماذا آذَوْه؟
قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ:[بقَوْلهم مثَلًا: ما يَمنَعه أن يَغتَسِل معَنا إلَّا أنه آدَرُ]، فهُمْ يُؤذونه بغير هذا الكَلامِ، ويُؤذونه بالفِعْل أيضًا، لكن المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ قال مثَلًا، فمُوسَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ على ما فيه من الشِّدَّة كان حَيِيًّا، وكان بنو إسرائيلَ يَغتَسِلون عُراةً، ولكنه يَغتَسِل وحدَه، لا يَغتَسِل معَهُم، ولا يَتَعرَّى، فقال بنو إسرائيلَ: لماذا يَشِذُّ هذا الرجُلُ عنَّا؟ ! لولا أن فيه آفةَ بَرَصٍ أو أُدْرة ما انفَرَد عنَّا، والآدَرُ كبير الخُصْيتَيْن، فيَكون هذا سبَبَ أنه كان يَغتَسِل وحْدَه، أو فيه آفَةٌ فيه بَرَص أو غيرُ ذلك، وإلَّا كان يَغتَسِل مع الناس.
فأَراد اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أن يَتَبيَّن لبني إسرائيلَ أن الرجُل مِن أحسَن خَلْق اللَّه تعالى وأَسلَمِهم، فاغتَسَل ذات يومٍ وحدَه ووضَعَ ثوبَه على حَجَر، ولمَّا خرَج ليَلبَسَه فرَّ الحجَرُ بثَوْبه، فجعَل يَلحَقه يَقول:"ثَوْبِي حَجَرُ، ثَوْبِي حَجَرُ" يُكلِّم ويُخاطِب، ولكن الحجَرَ مَأمور بأَمْر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، فما وقَفَ حتى وصَل مَلأٌ من بني إسرائيلَ، ومُوسى عَلَيْهِ السَّلَامُ يَمشِي وراءَه عُريانًا، فلمَّا وصَل بني إسرائيلَ رأَوُا الرجُل، وإذا الرجُل سليم ليس فيه شيء أبَدًا، بل مِن أَحسَن خَلْق اللَّه تعالى وأَسلَمِهم من العَيْب، ووقَف الحجَر فأخَذ ثَوْبه فلَبِسه، وجعَل يَضرِب الحجَر بعصاه حتى صار فيه أثَرٌ من ضَرْب
(١) أخرجه البخاري: كتاب فرض الخمس، باب ما كان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يعطي المؤلفة قلوبهم، رقم (٣١٥٠)، ومسلم: كتاب الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام، رقم (١٠٦٢)، من حديث ابن مسعود -رضي اللَّه عنه-.