العَصا (١)، وإنما ضرَب الحجَر؛ لأنه لمَّا عمِل عَمَل العاقِل بهرَبِهِ بالثوب استَحَقَّ تأديب العاقِل، وإلَّا فالحجَرُ لا يَستَفيد.
ولهذا الآنَ صار لنا فيه نَوْعٌ من التَّأسِّي بمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ حينما يَعْثُر الصَّبيُّ بحَجَر، نَقول له: تَعالَ! تُريد أن نَضرِبه؟ فإذا ضرَبتَ الحجَرَ يَهدَأ الصبيُّ ويَقِفُ عن البُكاء، لكن شَتَّان ما بين المَسأَلتين، نَقول: فيه نَوْع من الأصل.
فالخُلاصةُ: أن موسى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَراد اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أن يُبيِّن لبني إسرائيلَ أنه ليس كما قالوا: وأنه سَليم، وسيَأتي في الفَوائد ما في هذه القِصَّةِ من الحِكْمة.
وقوله تعالى:{فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا} قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [بأَنْ وَضَع ثَوْبه على حجَر ليَغتَسِل ففَرَّ الحَجَر به حتى وقَف بين ملَأ من بني إسرائيلَ فأَدرَكه مُوسى عَلَيْهِ السَّلَامُ فأَخَذ ثَوْبه، فاستَتَر به فرَأَوْه لا أُدرةَ به]، قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ:[وهي نَفْخة في الخُصْية] فرَأَوْا أنه عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ سَليم.
وقوله تعالى:{فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا}، أَفادَنا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بقَوْله:{مِمَّا قَالُوا} أن الأذِيَّة التي أَشار اللَّه تعالى إليها هي قول.
قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا} أي: ذا جاهٍ] والجاهُ بمَعنَى: القَدْر وعُلوِّ المَنزِلة، فكان موسى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَجيهًا عند اللَّه تعالى، يَعنِي: ذا قَدْر ومَنزِلة
(١) أخرجه البخاري: كتاب أحاديث الأنبياء، باب حديث الخضر مع موسى عَلَيْهِ السَّلَامُ، رقم (٣٤٠٤)، ومسلم: كتاب الحيض، باب جواز الاغتسال عريانًا في الخلوة، رقم (٣٣٩)، من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.