الْفَائِدَة الأُولَى: تَحريم أذيَّة الرسول عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، لقوله تعالى:{لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى}، والأصل في النَّهي التَّحريم، وقد سَبَق أن أَذِيَّة الرسول من كَبائِر الذُّنوب، لقوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ}[الأحزاب: ٥٧].
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: عِنايةُ اللَّه تعالى برَسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، حيث يَضرِب له الأَمْثال بمَن سبَقَه من الرُّسُل، لأَجْل التَّسْلية وتَهوين الأَمْر عليه، وأن هذا أَمْر قد سَبَقَك، وهذا كثير في القرآن، نحو:{وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا}[الأنعام: ٣٤].
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: تَحذير المُؤمِنين أن يُصيبهم ما أَصاب مَن سبَقَهم حين تَجرَّؤُوا على رُسُل اللَّه تعالى؛ لقوله تعالى:{لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى}.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أن التَّبرِئة تَكون بالقَوْل وتَكون بالفِعْل، فتكون بالقول مثل قوله تعالى لرسوله عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:{مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ}[القلم: ٢]، فنَفَى عنه الجُنون الذي رماه به أَعداؤُه، وقوله تعالى:{فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ}[الطور: ٢٩]، هذه التَّبرِئةُ بالقول، والتَّبرِئةُ بالفِعْل كما جرَى لمُوسَى -صلى اللَّه عليه وسلم-، فإن اللَّه تعالى ما قال لبَني إسرائيلَ: إنه ليس بآدَرَ. لكنَّه هيَّأ له هذا الأَمرَ الواقِع الذي يَكون تَبرِئةً من اللَّه عَزَّ وَجَلَّ لرسوله -صلى اللَّه عليه وسلم- بالفِعْل.