لعَظمة اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وخَشيتِه، فخَر مُوسى صَعِقًا، غُشي عليه؛ لمَا رأَى مِنَ الهَول العَظِيم، فهَذَا جَبَل أمامَه! وصَخر عَظِيم اندكَّ في لحظَةٍ! ومن المعلوم أنَّ الإنسانَ لا يتحمَّل هذا {وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف: ١٤٣].
ولقَد قالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ}، هذا القرآن وهو كلام اللَّه وصفةٌ من صفاته، {لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الحشر: ٢١].
قولُه: {وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا} خِفن مِنها، ألَّا يَقُمْنَ بواجِب الأمانةِ.
قولُه: {وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ} اللَّه أكبر! حمَلها الإنسانُ، بما أعطاهُ اللَّه مِن العَقل والتَّفكير وبما أَرسل إليه مِن الرُّسل وبَيَّن له السُّبل وهَداه.
قولُه: {إِنَّهُ} أي: الإنسان {كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}، وقولُه: {إِنَّهُ} قال بعضُ أهلِ العِلم رَحِمَهُم اللَّهُ: الضَّمير يَعود علَى الإِنسان الكافِر، فهُو الظَّلوم الجهُول، وليسَ عائدًا على كلِّ إنسانٍ؛ لأنَّ المسلمَ ذُو عَدْل وذُو عِلم وذُو رُشْد.
فالإنسانُ الذِي كانَ ظَلومًا جَهولًا هُو الكافِر، أمَّا المؤمنُ فلا يُمكن، إذِ المؤمنُ يَمنعه إيمانُه عَن الظُّلم، ويَمنعه إيمانِه عَن السَّفه والغَي.
* * *
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute