القولُ الأوَّلُ: إن هذه ناسِخة للإِرْث الثابِت في أوَّل الإسلام بين المُؤمِنين من الأنصار والمُهاجِرين من المُسلِمين، فكان في الأوَّل جَعَل الرسول بَينهم عَلِيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أُخوَّةً، رتَّب أُخوَّةً يَتو ارَثون بها، حتَّى أَنزل اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى آيةَ الإِرْث، وجعَل ذَوي الأَرْحام بعضُهم أَوْلى بِبَعض.
القول الثاني: يَقول: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ} مِن المُؤمِنين والمُهاجِرين بعضُهم أَوْلى ببعض، وعلى هذا فتكون الآية مُحْكَمة، ليس فيها نَسْخٌ، وتَكون أَعمَّ من الإِرْث أَوْلى ببعضِهم في كل شيءٍ حتَّى في ولاية النكاح وغير ذلك، فهُمْ بعضُهم أَوْلى ببعض.
و(أُولُو) بمَعنى: أصحاب، و (الأَرْحام) جَمع رحِمٍ وهو القَرَابة يَعنِي: ولهذا قال المُفَسِّر: [ذَوِي القَرابات] وأن ما اشتَهَر عندنا في عُرْفنا أن الأَرْحام أقَارِبُ الزوجة فهذا غيرُ صحيح، أقارِبُ الزوجة يُسمَّوْن أصهارًا، ومن أَجْل هذا الخطَأِ في المَعنَى صار بعض الناس يَقول: أنتم تَقولون: إن أسباب الإرث ثلاثة: رحِم ونِكاح وولَد، فأينَ الثالِثُ؟ ! فالرحِم والنِّكاحُ واحِد عند هؤلاء.
ونَقول: إن فَهْمكم للرحِم فهم خاطِئ، وهذا ما يَرمِي إليه الشَّرْعُ من تَسمية الأشياء بأسمائِها الشرعية حتَّى لا يَحصُل الخطَأ.
فالآنَ عندنا كلِمة العَمِّ تُطْلَق على زَوج الأُمِّ، فلو سألَك سائلٌ فإنك تَبنِي أَنت على أنَّه عَمُّه أَخو أبيه! ثُمَّ تَجِد أنَّه أَراد بالعَمِّ زَوجَ أُمِّه، فكلُّ هذه الأشياءِ يَنبَغي لنا أن نُصحِّح كلامنا فيها؛ حتَّى لا يَقَع الخطَأ.
وقوله تعالى:{فِي كِتَابِ اللَّهِ} أي: مَكتوبه، فهو فِعَال بمَعنَى: مَفعول، وهل المُراد في كِتاب اللَّه تعالى، أي: في الوَحْي أو في كِتاب اللَّه أي: في فَرْض اللَّه تعالى؛