قال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ:[بوَصيَّة] وخَصَّ المَعروف بالوَصِيَّة، لأن الكلام الآنَ في التَّوارُث، والتَّوارُث ما يَكون إلَّا بعد الموت، كذلك الوَصيَّةُ ما تَكون إلَّا بعد الموت.
قال اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{كَانَ ذَلِكَ} أي: نَسْخ الإِرْث بالإيمان والهِجْرة بإِرْث ذَوِي الأرحام، قال رَحِمَهُ اللَّهُ: [{فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا} وأُريد بالكِتاب في المَوْضِعين: اللوحُ المَحفوظ].
قوله تعالى:{كَانَ ذَلِكَ} المُشار إليه كون أُولي الأرحام بعضُهم أَوْلى ببعض من المُؤمِنين والمُهاجِرين.
قوله تعالى:{كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ} أي: في اللَّوْح المَحفوظ على كلام المُفَسّر رَحِمَهُ اللَّهُ، وهو ظاهِر في المَسأَلة الأَخيرة، لأن (كان) تَدُلّ على الماضي، وهذا يَدُلُّ على أن الذي في الكِتاب المَحفوظ أن الإِرْث يَكون لذَوِي الأرحام، لكنه كان بالمُوالاة في زمَنٍ غير طويل، أوَّل ما قدِم المُهاجِرون إلى المدينة صاروا يَتَعاقَدون أُخوَّةً بينهم يَثبُت بها الإِرْث، لكنَّ هذا ليس هو الذي كتبَه اللَّه تعالى مُستَقرًّا على عِباده، وإنَّما حصَل ذلك لعارِض وهو ثُبوت الأُخوَّة التامة بين المُهاجِرين والأنصار، وإلَّا فإن الفَرْض المُستَقِرَّ هو ما في الكِتاب المَحفوظ من أن الإِرْث إنما يَكون بالرَّحِم.
وقوله تعالى:{كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا}: (ذا) اسمُ إشارةٍ هو الاسم، {مَسْطُوَرًا} خبَرُ {كَانَ ذَلِكَ} و {فِى الْكِتَابِ} جارٌّ ومَجرورٍ مُتعلِّق بمَسطور على أنَّه اسمُ مَفعول، واسمُ المَفعول يَعمَل عمَل فِعْله بالشُّروط السابِقة وهي تامَّة هنا.