للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويُعِدَّ للكافِرين، لكنه قال: {وَأَعَدَّ} نعَم {وَأَعَدَّ} هو فكيف نَقول فيها؟ يَقول المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [هو عَطْف على {أَخَذْنَا}] {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا}، والظاهِر من قَصْده {أَخَذْنَا} الأَخيرة يَعنِي: {وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا}، {وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ}، وعلى رأي المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ يَكون فيها أيضًا التِفات من الحُضور إلى الغَيْبة، ويُمكِن أن نَقول: إنه معطوف على قوله تعالى: {لِيَسْأَلَ}، نعَم لكنه جاء بلَفْظ الماضي تَحقيقًا لوُقوعه، وأنه أَمْر ثابِت.

قوله تعالى: {وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا} قال رَحَمَهُ اللَّهُ: [مُؤلِم] يَعنِي: مُوجِع، فعيل بمَعنَى: مُفعِل تَأتي في اللغة العربية، وإن كان الأكثَر أن فَعيلًا بمعنى: فاعِل، ففعيل بمَعنَى: فاعل كثيرة جِدًّا، مثل سميع بصير وعزيز أَمثِلتها كثيرة، لكن فعيل بمَعنَى: مُفعِل قليل، ومنه هذه الآية، أَليم بمَعنَى: مُؤلِم، وقول الشاعر:

أَمِنْ رَيْحَانَةَ الدَّاعِي السَّمِيعُ ... يُؤَرِّقُنِي وَأَصْحَابِي هُجُوعُ (١)

هو الداعِي السَّميع، يَعنِي: المُسمِع.

من فوائد الآية الكريمة:

الْفَائِدَة الأُولَى: إثباتُ البَعْث؛ لأن هذا السُّؤالَ ما كان في الدُّنيا، وليس هناك إلَّا دنيا وأُخْرى، فيَكون من لازِم ذَلك ثُبوت الآخِرة.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أن السُّؤال ليس سُؤالًا خاصًّا بالمُعانِدين والكافِرين، حتَّى


(١) البيت لعمرو بنُ معدي كرب، انظر: الأصمعيات (ص: ١٧٢)، الشعر والشعراء لابن قتيبة (١/ ٣٦٥).

<<  <   >  >>