للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأمَّا آية النِّساء فقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (١٦٨) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [النساء: ١٦٨ - ١٦٩].

وأمَّا في الأحزاب ففي قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (٦٤) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [الأحزاب: ٦٤ - ٦٥].

وأمَّا في سورة الجِنِّ ففي قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [الجن: ٢٣].

وإذا كان هَؤلاء خَالِدين أبَدًا فإنَّه يَلزَم من تَأبيد الخالِد تَأبيدُ المكان الذي هو فيه، حتَّى في الجَنَّة أيضًا، فمَعناه: أن هذا كائِن بمَشيئة اللَّه تعالى.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: في الآية دليلٌ على أن أهل النار يَذوقون العذاب ويَتأَلَّمُون منه؛ لقوله تعالى: {أَلِيْمًا}، فَيَكون في هذه الفائِدةِ ردٌّ على قول مَن يَقول: إن أهل النار يَكونون جَهنَّمِيِّين، فلا يُحِسُّون بعذابٍ -والعِياذُ باللَّهِ-، ومَعنَى ذلك أنهم إذا كانوا لا يُحِسُّون بعذاب انتَفَى العَذاب.

وقد ذكَر اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن جُلُودهم تَنضَج {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: ٥٦] وأَخبَر أنَّها تُحرِق {وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} [الأنفال: ٥٠] فبَيَّن اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن الجُلود تَنضَج {لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ}، ولولا أنهم يَتَألَّمون بذلك لكانوا عندما بُدِّلوا بجُلود أُخرى ما ذاقوا العَذاب.

فإن قيل: كيف يَصبِرون المُدَدَ العظيمة، وهم في حَريق وجُلود تُبدَّل -والعِياذُ باللَّه-؟

قُلْنا: إن اللَّه تعالى على كل شيء قَديرٌ، وأحوال الآخِرة لا تُقاس بأحوال الدُّنيا،

<<  <   >  >>