هذه الدنيا يَحتَرِق الجِسْم لكن الروحُ تَخرُج منه وتَدَعُه ولا تَحتَرِق، لكن في الآخِرة يَبقَى الجِسْم وإن كان يَحتَرِق، وإن كان يَنضَج، واللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لا نِهايةَ لقُدْرته، ولا يُمكِن الإحاطةُ بها.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: التحذير من الكُفْر؛ لقوله تعالى:{وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا}.
الْفَائِدَةُ السَّابعَةُ: التحذير من خِصال الكُفْر: يَعنِي ورَدَت في النُّصوص أعمالٌ وأقوالٌ وَصَفها الشَّارع بأنَّها كُفْر فيَجِب الحَذَر منها.
ومن المُؤسِف أن كثيرًا من طلَبة العِلْم يَبحَثون مَسأَلة أن هذا كُفْرٌ وأن هذا غيرُ كُفْرٍ، يَبحَثونها على أنها مسألة نَظَرية، فتَجِدهم يَفرِضون الخِلاف مع المُعتَزِلة والخَوارِج، لكن لا يَشعُرون -ولا يُشْعِرون غيرَهم- أن مَسأَلة كون هذا من الكُفْر مَعناه أنَّه يُعذَّب على هذه الخِصْلةِ عَذابَ الكافِرين، وإن كان لا يُخلَّد، لكن يُعذَّب بحسَب ذَنْبه عذابَ الكافِرين؛ لأنه عمِل كُفْرًا فيَستَحِقُّ فاعِله جزاءَ الكُفْر في هذه المَسأَلةِ، وهذه مَسألةٌ عَظيمة جِدًّا، يَنبَغي لنا أن تَكُون على بالنا.
وفيه أيضًا بِناءً على هذه القاعِدةِ على أن الَّذين يُعَذَّبون في النار بقَدْر مَعاصيهم يَجِدون حَرَّها وأَلمَها وعَذابها خِلافًا لمَن قال: إنهم لا يَجِدون ألمًا، فالصوابُ أنَّهم يَجِدون ألمًا، الذين لا يَجِدون ألمًا هم الذين يَرِدُونها بِناءً على أن الوُرود في قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا}[مريم: ٧١] الدخولُ دون المُرور على الصِّراط، والمَسأَلة فيها قولانِ للمُفسِّرين من السلَفِ والخلَف، واللَّه أَعلَمُ.