للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ناقش المجيزون للتفسير بالرأي هذه الأدلة فقالوا:

أما الحديث: ففي صحته وثبوته نظر؛ فقد قال الترمذي (١) بعد أن رواه: هكذا رُوِي عن بعض أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وغيرهم أنهم شددوا في أن يُفَسرَ القرآنُ بغير علم، وأما الذي روي عن مجاهد وقتادة (٢) وغيرهما من أهل العلم أنهم فسروا القرآن فليس الظن بهم أنهم قالوا في القرآن أو فسروه بغير علم، أو من قبل أنفسهم، وقد رُوِي عنهم ما يدل على ما قلنا - أنهم لم يقولوا من قبل أنفسهم بغير علم - وقد تكلم بعض أهل الحديث في سهيل بن أبي حزم (٣) " (٤).

وقد ذكر الإمام السيوطي التفسير بالرأي المحرم بقوله: "وجملة ما تحصل في معنى حديث التفسير بالرأي خمسة أقوال:

أحدها: التفسير من غير حصول العلوم التي يجوز معها التفسير.

الثاني: تفسير المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله.

الثالث: التفسير المقَرِر للمذهب الفاسد بأن يجعل المذهب أصلا والتفسير تابعاً.

الرابع: التفسير بأن مراد الله كذا على القطع من غير دليل.

الخامس: التفسير بالاستحسان والهوى" (٥).


(١) هو محمد بن عيسى بن سورة بن موسى السلمي الحافظ أبو عيسى الترمذي الضرير مصنف الكتاب الجامع، ولد سنة بضع ومائتين، أخذ علم الحديث عن أبي عبد الله البخاري، وروى عنه حماد بن شاكر وآخرون، وكان ممن جمع وصنف وحفظ وذاكر، توفي ثالث عشر رجب بترمذ سنة تسع وسبعين ومائتين وقيل: خمس وسبعين، انظر: الوافي بالوفيات ٢/ ٥٤، وفيات الأعيان ٤/ ٢٧٨.
(٢) هو قتادة بن دعامة بن قتادة بن عزيز البصري، حافظ العصر، قدوة المفسرين والمحدثين أبو الخطاب السدوسي البصري الضرير الأكمه، مات بواسط في الطاعون، سنة ثماني عشرة ومائة للهجرة، انظر: سير أعلام النبلاء ٥/ ٢٦٩.
(٣) هو سهيل بن أبي حزم القطيعي ضعيف، و"قد ضعفه الجمهور، قال ابن حبان: يتفرد عن الثقات بما لا يشبه حديث الأثبات"، انظر: المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين، محمد بن حبان ابن أحمد بن أبي حاتم التميمي البستي ١/ ٣٩٠، تحقيق: محمود إبراهيم زايد، دار الوعي- حلب، ط/الأولى ١٣٩٦ هـ.
(٤) سنن الترمذي ٥/ ٢٠، تحقيق: أحمد شاكر، ومذيل بحكم الألباني على الأحاديث، دار الكتاب العربي- بيروت، (بدون).
(٥) الإتقان في علوم القرآن لجلال الدين السيوطي ص ٢٢٠، بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>