للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الماوردي: " فمن جعل القرْء اسماً للحيض، فلأنه وقت خروج الدم المعتاد، ومن جعله اسماً للطهر، فلأنه وقت احتباس الدم المعتاد " (١).

قال الراغب: " والقرء في الحقيقة اسم للدخول في الحيض عن طهر، ولما كان اسماً للأمرين الطهر والحيض المتعقب له أطلق على كل واحد منهما، لأن عادة العرب أن كل اسم موضوع لمعنيين معاً يطلق على كل واحد منهما إذا انفرد، كالمائدة هي للخوان والطعام، وقد سمي كل واحد منهما بانفراده مائدة، وعلى ذلك الظعينة والكأس والراوية، فكذلك القرؤ، وليس هما اسماً للطهر مجرداً بدلالة أن الطاهر التي لم تر الدم لا يقال لها ذات قرء، وكذا الحائض التي استمر بها الدم، والنفساء لا يقال لهما ذلك" (٢).

والراجح أن قوله تعالى {قُرُوءٍ}، جمع قَرْء بفتح القاف؛ وهو الحيض؛ وهو رأي الجمهور؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في المستحاضة: "تجلس أيام أقرائها" (٣) أي حيضها؛ فقوله تعالى: {ثلاثة قروء} أي ثلاث حيض. والله تعالى أعلم (٤).

قوله تعالى: {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨]، أي: "ولا يباح للمطلقات أن يخفين ما في أرحامهن من حبلٍ أو حيض استعجالاً في العدة وإِبطالاً لحق الزوج في الرجعة" (٥).

قال القاسمي: " من الحيض أو الولد، استعجالا في العدة أو إبطالا لحقّ الزوج في الرجعة" (٦).

و(الأرحام): جمع رحم؛ "وهو مقر الحمل؛ وسمي رحماً؛ لأنه ينضم على الجنين، ويحفظه؛ فهو كذوي الأرحام من انضمامهم على قريبهم، وحنوهم عليه، وعطفهم عليه" (٧).

وذكر أهل العلم في تفسير قوله تعالى: {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللهُ في أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨]، ثلاثة تأويلات (٨):

أحدها: أنه الحيض، وهو قول عكرمة (٩)، والزهري (١٠)، وإبراهيم النخعي (١١)، وعطية (١٢).

إذ "حرّم عليهن أن يكتمن أزواجهن الذين طلَّقوهن، في الطلاق الذي عليهم لهنّ فيه رجعة يبتغين بذلك إبطال حقوقهم من الرجعة عليهن" (١٣).


(١) النكت والعيون: ١/ ٢٩٢.
(٢) تفسير الراغب الأصفهاني: ١/ ٤٦٥ - ٤٦٦.
(٣) أخرجه النسائي ص ٢١٠٩، كتاب الحيض، باب ٥: جمع المستحاضة بين الصلاتين وغسلها إذا جمعت، حديث رقم ٣٦١، وقال الألباني: صحيح (صحيح النسائي ١/ ١٢٠ – ١٢١)، حديث رقم ٣٥٩.
(٤) وقد ذكر القاسمي: " و (القرء): من الأضداد، يطلق على الحيض والطهر. نص عليه من أئمة اللغة: أبو عبيد والزجاج وعمرو بن العلاء وغيرهم. والبحث في ترجيح أحدهما طويل الذيل، استوفاه الإمام ابن القيّم في (زاد المعاد) فانظره. ولمن نظر إلى موضوعه اللغويّ أن يقول: تنقضي العدة بثلاثة أطهار أو بثلاث حيض. فأيهما اعتبرته المعتدة خرجت عن عهدة التكليف به. والله أعلم". (محاسن التأويل: ٢/ ١٣٤).
(٥) صفوة التفاسير: ١/ ١٣٠.
(٦) محاسن التأويل: ٢/ ١٣٤.
(٧) تفسير ابن عثيمين: ٣/ ٩٩.
(٨) انظر: النكت والعيون: ١/ ٢٩٢، وتفسير الطبري: ٤/ ٥١٦ وما بعدها.
(٩) انظر: تفسير الطبري (٤٧٣١): ص ٤/ ٥١٧.
(١٠) انظر: تفسير الطبري (٤٧٢٧): ص ٤/ ٥١٦.
(١١) انظر: تفسير الطبري (٤٧٢٨)، و (٤٧٢٩)، و (٤٧٣٠): ص ٤/ ٥١٦ - ٥١٧.
(١٢) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٢١٩٢): ص ٢/ ٤١٦.
(١٣) تفسير الطبري: ٤/ ٥١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>