للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بالله واليوم الآخر} [البقرة: ٢٢٨]، أي "إِن كنَّ حقاً مؤمنات بالله ويخشين من عقابه" (١).

قال الصابوني: "وهذا تهديد لهنَّ حتى يخبرن بالحق من غير زيادة ولا نقصان لأنه أمر لا يُعلم إِلاّ من جهتهنَّ" (٢).

قال القاسمي: " أي: "إن جرين على مقتضى الإيمان به، المخوف من ذاته وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، المخوف من جزائه. ودلّ هذا على أن المرجع في هذا إليهنّ. لأنه أمر لا يعلم إلّا من جهتهن. ويتعذر إقامة البينة على ذلك. فرد الأمر إليهن، وتوعدن فيه لئلا يخبرن بغير الحقّ. وهذه الآية دالة على أنّ كل من جعل أمينا في شيء فخان فيه، فأمره عند الله شديد" (٣).

وقال ابن عثيمين: "قوله تعالى: {إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر} هذه الجملة فيها إغراء لالتزام الحكم السابق؛ وهي تشبه التحدي؛ يعني إن كن صادقات في الإيمان بالله، واليوم الآخر فلا يكتمن حملهن" (٤).

قال القرطبي: " ومعنى النهي عن الكتمان النهي عن الإضرار بالزوج وإذهاب حقه، فإذا قالت المطلقة: حضت، وهي لم تحض، ذهبت بحقه من الارتجاع، وإذا قالت: لم أحض، وهي قد حاضت، ألزمته من النفقة ما لم يلزمه فأضرت به، أو تقصد بكذبها في نفي الحيض ألا ترتجع حتى تنقضي العدة ويقطع الشرع حقه، وكذلك الحامل تكتم الحمل، لتقطع حقه من الارتجاع" (٥).

قال الراغب: " فليس ذلك شرطاً في أنهن إذا لم يكن مؤمنات، يجوز أن يكتمن، وإنما ذلك تنبيه أنه مناف للإيمان، وأنه ليس من فعل المؤمن، كقوله: {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} " (٦).

أخرج ابن أبي حاتم بسنده عن "سعيد بن جبير قال: جاء أعرابي فسأل: من أعلم أهل مكة؟ فقيل له: سعيد بن جبير. فسأل عنه فإذا هو في حلقة، وهو حديث السن. زاد يوسف فقال: إن هذا الحدث. فقيل له: هو هذا. قالا: جميعا فسأله ابن أخ له تزوج امرأة، ثم عرض بينهما فرقة، وبها حبل، فكتمت حبلها حتى وضعت. هل له أن يراجعها؟ قال: لا. قال: فاشتد على الأعرابي. فقال له سعيد: ما تصنع بامرأة لا تؤمن بالله واليوم الآخر. فلم يزل يزهده فيها حتى زهد فيها" (٧).


(١) صفوة التفاسير: ١/ ١٣٠ - ١٣١.
(٢) صفوة التفاسير: ١/ ١٣٠ - ١٣١.
(٣) محاسن التأويل: ٢/ ١٣٤.
(٤) تفسير ابن عثيمين: ٣/ ٩٩.
(٥) تفسير القرطبي: ٣/ ١١٨.
(٦) تفسير الراغب الأصفهاني: ١/ ٤٦٨.
(٧) تفسير ابن أبي حاتم (٢١٩٣): ص ٢/ ٤١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>