للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الصابوني: " هي فيما أمر تعالى به من القوامة والإِنفاق والإِمرة ووجوب الطاعة فهي درجة تكليفٍ لا تشريف لقوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ الله أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: ١٣] " (١).

قال السعدي: " أي: رفعة ورياسة، وزيادة حق عليها، كما قال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}، ومنصب النبوة والقضاء، والإمامة الصغرى والكبرى، وسائر الولايات مختص بالرجال، وله ضعفا ما لها في كثير من الأمور، كالميراث ونحوه" (٢).

وقد ذكر أهل التفسير في قوله تعالى: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيهِنَّ دَرَجَةٌ} سبعة أوجه (٣):

أحدها: فضل الميراث والجهاد، وهو قول مجاهد (٤)، وقتادة (٥).

والثاني: أنه الإمْرَةُ والطاعة، وهو قول الضحاك وزيد بن أسلم (٦)، وابنه عبد الرحمن (٧).

والثالث: أنه إعطاء الصداق، وأنه إذا قذفها لاعنها، وإن قذفته حُدَّتْ، وهو قول الشعبي (٨).

والرابع: أفضاله عليها، وأداء حقها إليها، والصفح عما يجب له من الحقوق عليها، وهو قول ابن عباس (٩)، وقتادة (١٠).

والخامس: أنه "يطلقها، وليس لها من الأمر شيء". قاله أبو مالك (١١).

والسادس: وقيل: " فضيلة بما أنفقوا عليهن من أموالهم". قاله مقاتل بن حيان (١٢).

والسابع: أن جعل له لحْية، وهو قول حميد (١٣).

قال القرطبي: " وهذا إن صح عنه، فهو ضعيف لا يقتضيه لفظ الآية ولا معناها (١٤).


(١) صفوة التفاسير: ١/ ١٣١. وقال الرغب الأصفهاني: " وقوله: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ} هو من وجه تنبيه لفضل الرجل على المرأة بالجملة، ومن وجه كالاستثناء بأن له عليها حقا، ليس لها عليه، أما فضله عليها، فقد نبه علبه بقوله: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى} ودل عليه النبي- عليه السلام بقوله: " إنكن ناقصات الدين والعقول" ... [رواه البخاري (٢٩٨): بلفظ: مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ ... ]، وقيل: من نقصها أن شر ما في الرجال الجبن والبخل، وهما خير ما في النساء، ولكونهن ناقصات عظم الله نسبة البنات إليه أكثر كما تعظيمه نسبة الابن، وإلا كانا منكرين، فقال تعالى: {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى}، وقال: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ}، وقال: وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ}، وقال: {أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ}، وعظم تعالي نسبة الملائكة إلى الأنوثة، فقال: {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا}.
ولكن الأنوثية نقص جعل القوه الانفعالية أنثى، والقوة الفاعلة ذكر حتى شبهوا السماء بالفحل والأرض باللقوحة، وقالوا حديد ذكر، وحديد أنثى، وقال تعالى: {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا}، أي أصناماً مفعولة غير فاعله، وأما فضل حقوقه عليها، فقيل: عشرة أشياء جعل الطلاق إليه من دونها، وإباحة ضربها عند النشوز، أو هجران فراشها، ووجوب إجابتها إياه دعاها إلى الفراش، والائتمار له إذا نهاها عن الخروج، وأن ميراثه منها أكثر من ميراثها منه، وأنه إذا قذفها فله إسقاط الحد باللعان، وليس لها ذلك وأن له أن يجمع بينها وبين غيرها، وليس لها أن تجمع بينه وبين غيرة، وليس لها أن تصوم تطوعاً ولا أن تحج فرضاً إلا بإذنه، وله ذلك من دون إذنها.
وإلى وهذه الجملة أشار بقوله: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} ونبه بقوله: {وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} أنه يحكم بكل ما يشاء، فلا يغالب لعزة، ويتقن كل ما يفعله فيصيب بحكمته، وفيه وعد وإبعاد على مجازاتهما فيما يتحريانه من صلاح وفساد". (تفسير الراغب الأصفهاني: ١/ ٤٦٩ - ٤٧٠).
(٢) تفسير السعدي: ١/ ١٠١.
(٣) انظر: النكت والعيون: ١/ ٢٩٣، وتفسير الطبري: ٤/ ٥٣٣ وما بعدها.
(٤) انظر: تفسير الطبري (٤٧٦٩) - (٤٧٧٠): ص ٤/ ٥٣٣ - ٥٣٤.
(٥) انظر: تفسير الطبري (٤٧٧١): ص ٤/ ٥٣٤.
(٦) انظر: تفسير الطبري (٤٧٧٢): ص ٤/ ٥٣٤.
(٧) انظر: تفسير الطبري (٤٧٧٣): ص ٤/ ٥٣٤.
(٨) انظر: تفسير الطبري (٤٧٧٥): ص ٤/ ٥٣٤.
(٩) انظر: تفسير الطبري (٤٧٧٦): ص ٤/ ٥٣٥.
(١٠) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٢٢٠٢): ص ٢/ ٤١٨.
(١١) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٢٢٠٠): ص ٢/ ٤١٧.
(١٢) تفسير ابن أبي حاتم (٢٢٠٣): ص ٢/ ٤١٨.
(١٣) انظر: تفسير الطبري (٤٧٧٧): ص ٤/ ٥٣٥.
(١٤) تفسير القرطبي: ٣/ ١٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>