للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقسم» وجدنا أن الشفعة تجري في كل شيء؛ وإذا نظرنا إلى آخره: «فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق»، قلنا: إن الشفعة لا تجري إلا فيما كان له حدود، وطرق - وهو الأرض -.

و«الشفعة» أن ينتزع الشريك حصة شريكه التي باعها لطرف ثالث؛ مثال ذلك: زيد شريك لعمرو في أرض؛ فباع عمرو نصيبه لخالد؛ فلزيد أن يأخذ هذا النصيب من خالد بالثمن الذي يستقر عليه العقد؛ فإذا كان لشخصين سيارة واحدة، وباع أحدهما نصيبه من هذه السيارة لشخص ثالث فللشريك أن يأخذ هذا النصيب ممن اشتراه بثمنه على مقتضى أول الحديث العام؛ لكن قوله تعالى: «فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق» يقتضي أن لا شفعة له في نصيب شريكه في السيارة؛ لأنه لا حدود، ولا طرق فيها؛ والمسألة ذات خلاف معروف في كتب الفقه.

٩ - ومن فوائد الآية: أنه ينبغي ذكر ما يوجب القبول، والعمل؛ لقوله تعالى: {إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر}.

١٠ - ومنها: أنه ينبغي تحذير المؤتمن الذي لا يعلم بأمانته إلا الله عزّ وجلّ من عذاب يوم الآخر إن هو لم يقم بواجب الأمانة؛ لقوله تعالى: {ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر}.

١١ - ومنها: إثبات اليوم الآخر.

١٢ - ومنها: أن الرجعية في حكم الزوجات؛ لقوله تعالى: {وبعولتهن أحق}؛ فأثبت أنه بعل.

فإن قال قائل: ألا يمكن أن يقال: {بعولتهن} فيما مضى؛ لأن الشيء قد يعبر عنه بعد انتهائه، كقوله تعالى: {وآتوا اليتامى أموالهم} [النساء: ٢]؛ وهم لا يؤتونها إلا بعد زوال اليتم؛ كما أنه قد يعبر عن الشيء قبل وجوده، كقوله تعالى: {إني أراني أعصر خمراً} [يوسف: ٣٦]؛ وهو إنما يعصر عنباً ليكون خمراً؟

فالجواب: أن الأصل خلاف ذلك؛ ولا يصار إلى خلاف الأصل إلا بدليل؛ لأن الأصل أن الوصف متحقق في الموصوف حتى يتبين زوال الوصف عنه؛ ولهذا قال أهل العلم: إن الرجعية زوجة في حكم الزوجات؛ وينبني على ذلك أن كل ما يترتب على الزوجية فهو ثابت للرجعية إلا أنهم استثنوا بعض المسائل.

١٣ - ومن فوائد الآية: أنه لا حق للزوج في الرجعة إذا لم يرد الإصلاح؛ لقوله تعالى: {إن أرادوا إصلاحاً}؛ وقال بعض أهل العلم: «إن هذا ليس على سبيل الشرط؛ ولكنه على سبيل الإرشاد»؛ وهو خلاف ظاهر الآية؛ والواجب إبقاء الآية على ظاهرها؛ فليس له أن يراجع إلا بهذا الشرط.

١٤ - ومنها: أنه لا رجعة بعد انقضاء العدة؛ لقوله تعالى: {أحق بردهن في ذلك}.

١٥ - ومنها: أن للزوجة حقاً كما أن عليها حقاً؛ لقوله تعالى: {ولهن مثل الذي عليهن}.

١٦ - ومنها: إثبات الرجوع إلى العرف؛ لقوله تعالى: {بالمعروف}؛ وهكذا كل ما جاء، ولم يحدد بالشرع فإن مرجعه إلى العرف.

١٧ - ومنها: استعمال الاحتراس؛ وأنه لا ينبغي الإطلاق في موضع يخشى فيه من التعميم؛ لقوله تعالى: {وللرجال عليهن درجة} أي حقوق الرجال أكثر من حقوق النساء؛ ولهذا كان على الزوجة أن تطيع زوجها؛ وليس على الزوج أن يطيع زوجته؛ لقوله تعالى: {فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً} [النساء: ٣٤]؛ وهذا من معنى الدرجة؛ ودرجة الرجال على النساء من وجوه متعددة؛ فالدرجة التي فضل بها الرجال على النساء في العقل، والجسم، والدين، والولاية، والإنفاق، والميراث، وعطية الأولاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>