للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الكرماني: "أو التسريح بإحسان: عام يتناول إيقاع الثلاث دفعة" (١).

ويسند القول ما أخرجه الطبري وغيره (٢) عن أبي رزين قال، أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: يا رسول الله أرأيت قوله: {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} فأين الثالثة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إمساكٌ بمعروف، أو تسريحٌ بإحسان " هي الثالثة" (٣).

قال الحافظ ابن حجر: " وسنده حسن لكنه مرسل؛ لأن أبا رزين لا صحبة له (٤)، وقد وصله الدارقطني (٥) من وجه آخر عن إسماعيل فقال: عن أنس (٦) لكنه شاذ، والأول هو المحفوظ (٧) " (٨).

والثاني: أنه عنى الله بذلك الدلالة على ما يلزمهم لهن بعد التطليقة الثانية من مراجعة بمعروف أو تسريح بإحسان، بترك رجعتهن حتى تنقضي عدتهن، فيصرن أملك لأنفسهن. وهو قول السدي (٩)، والضحاك (١٠) (١١).

قال ابن حجر: " وقد رجح إلكيا الهراسي (١٢) من الشافعية في كتاب: (أحكام القرآن) له قول السدي، ودفع الخبر لكونه مرسلاً، وأطال في تقرير ذلك بما حاصله أن فيه زيادة فائدة، وهي بيان حال المطلقة وأنها تَبِين إذا انقضت عدتها، قال: وتؤخذ الطلقة الثالثة من قوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا} اهـ" (١٣).


(١) شرح الكرماني لصحيح البخاري: ١٩/ ١٨٢.
(٢) كابن أبي حاتم في التفسير-القسم الثاني من سورة البقرة-: ٢/ ٧٥٦ رقم: ٢١٧٢، وسعيد بن منصور في سننه-تحقيق الأعظمي-: ١/ ٣٤٠ - ٣٤١ رقم: ١٤٥٦ - ١٤٥٧، والبيهقي في السنن الكبرى: ٧/ ٣٤٠، وعبد الرزاق في التفسير: ١/ ٩٣، والنحاس في الناسخ والمنسوخ: ٢/ ٥٠ رقم: ٢٣٩، ومعاني القرآن: ١/ ٢٠٠، وابن أبي شيبة في مصنفه: ٤/ ١٧٥، وذكره السيوطي في الدر المنثور: ١/ ٤٩٥ وزاد نسبته لوكيع وأحمد وأبي داود في ناسخه وابن المنذر وابن مردويه.
(٣) تفسير الطبري (٤٧٩١) - (٤٧٩٣): ٤/ ٥٤٥. وهو حديث مرسل ضعيف.
(٤) قلت: ولذا ضعفه ابن العربي في أحكام القرآن: ١/ ١٩١، وأحمد شاكر في تخريجه لأحاديث الطبري: ٤/ ٥٤٥، وانظر ما كتبه اللاحم في تحقيقه للناسخ والمنسوخ للنحاس: ٢/ ٥٠ - ٥١، والغامدي في تخريجه لأحاديث وآثار القسم الثاني من سورة البقرة من تفسير ابن أبي حاتم: ٢/ ٧٥٦.
(٥) هو: أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي البغدادي الدارقطني، إمام زمانه، حافظ عصره، شيخ الإسلام، انتهى إليهم علم الأثر والمعرفة بالعلل مع الصدق والثقة وصحة الاعتقاد، توفي عام: ٣٨٥ هـ، له مصنفات أشهرها: السنن، وعلل الحديث. انظر: تاريخ بغداد للخطيب: ١٢/ ٣٤، وفيات الأعيان لابن خلكان: ٣/ ٢٩٧، سير أعلام النبلاء للذهبي: ١٦/ ٤٤٩، تذكرة الحفاظ له أيضاً: ٣/ ٩٩١.
(٦) سنن الدارقطني: ٤/ ٤، وهو عن أنس عند البيهقي في السنن الكبرى أيضاً: ٧/ ٣٤٠.
(٧) قال الدارقطني: ٤/ ٤ عقيب حديث أنس: (كذا قال عن أنس، والصواب عن إسماعيل بن سميع عن أبي رزين مرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم) ونحواً من ذلك قال البيهقي في السنن الكبرى: ٧/ ٣٤٠، وقال العلامة شمس الحق العظيم آبادي في التعليق المغني على الدارقطني-بهامش السنن-: ٤/ ٤ (الحديث رواه البيهقي وابن مردويه من طريق عبد الواحد بن زياد مثله سنداً ومتناً)، قال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير: ٣/ ٤٢١: (وهو في المراسيل لأبي داود كذلك، قال عبد الحق: المرسل أصح، وقال ابن القطان: المسند أيضاً صحيح، ولا مانع أن يكون له في الحديث شيخان).
(٨) الفتح: ٩/ ٢٧٨.
(٩) انظر: تفسير الطبري (٤٧٩٦): ص ٤/ ٥٤٦.-٥٤٧.
(١٠) انظر: تفسير الطبري (٤٧٩٧)، و (٤٧٩٨): ص ٤/ ٥٤٧.
(١١) وانظر: النكت والعيون للماوردي: ١/ ٢٩٤، زاد المسير لابن الجوزي: ١/ ٢٦٣، مفاتيح الغيب للرازي: ٦/ ١٠٥، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: ٣/ ١٢٧، وغيرها. وهو اختيار القاضي أبي حسين ابن أبي يعلى في التمام: ٢/ ١٥٧، والرازي في مفاتيح الغيب: ٦/ ١٠٥، والبغوي في معالم التنزيل: ١/ ٢٧٠، وغيرهم.
(١٢) هو: أبو الحسن عماد الدين علي بن محمد بن علي الطبري المعروف بإلكيا الهراسي، علامة فقيه مفسر، شيخ الشافعية في عصره، ومدرس النظامية، أحد الفصحاء، اتهم بمذهب الباطنية وهو بريء، توفي عام: ٥٠٤ هـ، له تصانيف حسنة منها: أحكام القرآن وشفاء المسترشدين في مباحث المجتهدين. انظر: وفيات الأعيان لابن خلكان: ٣/ ٢٨٦، سير أعلام النبلاء للذهبي: ١٩/ ٣٥٠، طبقات الشافعية للسبكي: ٧/ ٢٣١، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة: ١/ ٣١٩.
(١٣) أحكام القرآن لإلكيا الهراسي: ١/ ٢٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>