للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعامر (١)، والشعبي (٢)، والضحاك (٣)، ومجاهد (٤)، وعكرمة (٥)، والحسن (٦)، وقتادة (٧)، وابن زيد (٨)، والسدي (٩).

والخامس: أنها محكمة عامة، وأن الله-عز وجل-يحاسب العباد على ما أخفته نفوسهم أو أبدته، فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء، قال الثعلبي: " يدلّ عليه قوله تعالى: {وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا} [الإسراء: ٣٦} " (١٠).

وهذا القول مروي عن، عبدالله ابن عمر (١١)، والحسن (١٢)، والربيع (١٣)، وقيس بن أبي حازم (١٤)، ورواية الضحاك عن ابن عباس (١٥)، وقال به: أبو سليمان الدمشقي والقاضي أبو يعلى (١٦).

والراجح-والله أعلم-أن لا نسخ في الآية كما هو قول الأكثر، وأنها محكمة مخصوصة بالآية الأخرى، والمعنى: وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه مما هو في وسعكم وتحت كسبكم يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء، وقول من قال بالنسخ من السلف محمول على ذلك.

وقد ذهب إلى عدم النسخ سوى من ذكر: الجصاص والنحاس والطبري (١٧) وابن الأنباري وابن عطية (١٨) والواحدي والرازي وابن تيمية وأبو حيان ومصطفى زيد وغيرهم (١٩).


(١) أنظر: تفسير الطبري (٦٤٦٥)، و (٦٤٧٣): ص ٦/ ١١٠ - ١١١.
(٢) أنظر: تفسير الطبري (٦٤٤٦٦)، و (٦٤٦٧)، و (٦٤٦٨)، و (٦٤٧١): ص ٦/ ١١٠.
(٣) أنظر: تفسير الطبري (٦٤٦٩)، و (٦٤٧٠): ص ٦/ ١١٠ - ١١١.
(٤) أنظر: تفسير الطبري (٦٤٧٢): ص ٦/ ١١١.
(٥) أنظر: تفسير الطبري (٦٤٧٣): ص ٦/ ١١١.
(٦) أنظر: تفسير الطبري (٦٤٧٤): ص ٦/ ١١١.
(٧) أنظر: تفسير الطبري (٦٤٧٥)، و (٦٤٧٦): ص ٦/ ١١١.
(٨) أنظر: تفسير الطبري (٦٤٧٧): ص ٦/ ١١١ - ١١٢.
(٩) أنظر: تفسير الطبري (٦٤٧٨): ص ٦/ ١١٢.
(١٠) تفسير الثعلبي: ٢/ ٣٠٠.
(١١) أنظر: تفسير الطبري (٦٤٦٠): ص ١٠٦، وفيما معناه: (٦٤٥٨)، و (٦٤٥٩): ص ١/ ١٠٥ - ١٠٦.
(١٢) أنظر: تفسير الطبري (٦٤٨٨): ص ٦/ ١١٥.
(١٣) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم (٣٠٥٥): ص ٢/ ٥٧٢.
(١٤) أنظر: تفسير الطبري (٦٤٨٤): ص ٦/ ١١٣.
(١٥) أنظر: تفسير الطبري (٦٣٨٣): ص ٦/ ١١٤.
(١٦) انظر: الناسخ والمنسوخ للزهري: ١٨، الناسخ والمنسوخ في كتاب الله تعالى لقتادة: ٤١، الناسخ والمنسوخ للنحاس: ٢/ ١١٨ - ١٢٤، الناسخ والمنسوخ من كتاب الله-عز وجل-لهبة الله بن سلامة: ٥٨، ناسخ القرآن الكريم ومنسوخه للبازري: ٢٧، نواسخ القرآن لابن الجوزي: ٩٦ - ١٠٣، الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه لمكي: ١٩٩ - ٢٠٠، النسخ في القرآن الكريم لمصطفى زيد: ٢/ ٦٠٦ - ٦٠٩، فتاوى ابن تيمية: ١٤/ ١٠١.
(١٧) أنظر: تفسير الطبري: ٦/ ١١٨ - ١١٩. حيث يقول: " " وذلك أن النسخ لا يكون في حكم إلا بنفيه بآخر، هو له ناف من كل وجوهه، وليس في قوله جل وعز: " لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت "، نفى الحكم الذي أعلم عبادَه بقوله: " أو تخفوه يحاسبكم به الله ". لأن المحاسبة ليست بموجبة عقوبةً، ولا مؤاخذةً بما حوسب عليه العبد من ذنوبه ... أخبر أن كتبهم محصيةٌ عليهم صغائرَ أعمالهم وكبائرَها، فلم تكن الكتب - وإن أحصت صغائرَ الذنوب وكبائرَها - بموجبِ إحصاؤها على أهل الإيمان بالله ورسوله، وأهل الطاعة له، أن يكونوا بكل ما أحصته الكتب من الذنوب معاقبين. لأن الله عز وجل وَعدهم العفوَ عن الصغائر، باجتنابهم الكبائر فقال في تنزيله: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلا كَرِيمًا} [سورة النساء: ٣١]. فذلك محاسبة الله عبادَه المؤمنين بما هو محاسبهم به من الأمور التي أخفتها أنفسهم، غيرَ موجبٍ لهم منه عقوبة، بل محاسبته إياهم - إن شاء الله - عليها، ليعرّفهم تفضُّله عليهم بعفوه لهم عنها".
(١٨) أنظر: المحرر الوجيز، ١/ ٣٩٠، ويقول فيه: " قال ابن عطية: "ومما يدفع أمر النسخ أن الآية خبر، والأخبار لا يدخلها النسخ، فإن ذهب ذاهب إلى تقرير النسخ فإنما يترتب له في الحكم الذي لحق الصحابة حين فزعوا من الآية، وذلك أن قول النبي صلى الله عليه وسلم لهم: «قولوا سمعنا وأطعنا» يجيء منه الأمر بأن يبنوا على هذا ويلتزموه وينتظروا لطف الله في الغفران، فإذا قرر هذا الحكم فصحيح وقوع النسخ فيه، وتشبه الآية حينئذ قوله عز وجل إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ [الأنفال: ٦٥] فهذا لفظ الخبر ولكن معناه: التزموا هذا وابنوا عليه واصبروا بحسبه، ثم نسخ ذلك بعد ذلك، وأجمع الناس فيما علمت على أن هذه الآية في الجهاد منسوخة بصبر المائة للمائتين، وهذه الآية في البقرة أشبه شيء بها".
(١٩) انظر: الناسخ والمنسوخ للزهري: ١٨، الناسخ والمنسوخ في كتاب الله تعالى لقتادة: ٤١، الناسخ والمنسوخ للنحاس: ٢/ ١١٨ - ١٢٤، الناسخ والمنسوخ من كتاب الله-عز وجل-لهبة الله بن سلامة: ٥٨، ناسخ القرآن الكريم ومنسوخه للبازري: ٢٧، نواسخ القرآن لابن الجوزي: ٩٦ - ١٠٣، الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه لمكي: ١٩٩ - ٢٠٠، النسخ في القرآن الكريم لمصطفى زيد: ٢/ ٦٠٦ - ٦٠٩، فتاوى ابن تيمية: ١٤/ ١٠١. ومن كتب التفسير انظر: جامع البيان للطبري: ٦/ ١٠٢ - ١٢٣، تفسير ابن أبي حاتم-القسم الثاني من سورة البقرة-: ٣/ ١٢٠٧ - ١٢١٠، تفسير مقاتل ٤٠ أ، الكشف والبيان للثعلبي: ١/ ٢١٠ أ-٢١٣ أ، البسيط للواحدي: ١/ ١٧٠ ب، معاني القرآن للنحاس: ١/ ٣٢٥ - ٣٣٠، زاد المسير لابن الجوزي: ١/ ٣٤٢ - ٣٤٤، معالم التنزيل للبغوي: ١/ ٣٥٣ - ٣٥٦، أحكام القرآن للجصاص: ١/ ٧٣١ - ٧٣٢، المحرر الوجيز لابن عطية: ١/ ٣٩٠، ومفاتيح الغيب للرازي: ٧/ ١٣٦ - ١٣٧، النكت والعيون للماوردي: ١/ ٣٦٠ - ٣٦٢، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: ٣/ ٤٢١ - ٤٢٣، البحر المحيط لأبي حيان: ٢/ ٣٦٠، فتح القدير للشوكاني: ١/ ٤٥٥، فتح البيان لصديق خان: ٢/ ١٥٧ - ١٦٠، روح المعاني للألوسي: ٣/ ٦٤ - ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>