للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الثعلبي: " ن الشرّ بالعمل السيء عليها وزره" (١).

قال الزمخشري: ويضرها ما اكتسبت من شر .. ولا يؤاخذ بذنبها غيرها" (٢).

قال ابن عثيمين: " أي ما اقترفت من إثم لا يحمله عنها أحد" (٣).

وقال ابن كثير: " وذلك في الأعمال التي تدخل تحت التكليف" (٤).

وروي" عن عبد الله بن عباس: {لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت}، عمل اليد والرجل واللسان" (٥).

وقال الزجاج: " ومعنى: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ}، أي لا يؤَاخذ أحداً - بذنب غيره - كما قال - جلَّ وعزَّ: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} " (٦).

قال الطبري: "لا يكلف الله نفسا إلا ما يسعها فلا يجهدها، ولا يضيق عليها في أمر دينها، فيؤاخذها بهمة إن همت، ولا بوسوسة إن عرضت لها، ولا بخطرة إن خطرت بقلبها" (٧).

وفي التفريق بين {كَسَبَتْ}، و {اكْتَسَبَتْ}، وجهان:

أحدهما: أن لفظهما مختلف ومعناهما واحد.

قال الواحدي: "والصحيح عند أهل اللغة أن الكسب والاكتساب واحد لا فرق بينهما، قال ذو الرمة (٨):

ألفى أباهُ بذاك الكسْبِ يكْتسبُ"" (٩).

قال الرازي: "والقرآن أيضاً ناطق بذلك، قال الله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر: ٣٨]، وقال: {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا} [الأنعام: ١٦٤]، وقال: {بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِا خَطِيائَتُهُ} [البقرة: ٨١]، وقال: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا}، فدل هذا على إقامة كل واحد من هذين اللفظين مقام الآخر" (١٠).

والثاني: ومن الناس من سلم الفرق، ثم فيه قولان:

أحدهما: "أن الاكتساب أخص من الكسب، لأن الكسب ينقسم إلى كسبه لنفسه ولغيره، والاكتساب لا يكون إلا ما يكتسب الإنسان لنفسه خاصة يقال فلان كاسب لأهله، ولا يقال مكتسب لأهله" (١١)، ومنه قول الجطيئة (١٢):

أَلْقَيْتَ كَاسِبَهُمْ في قَعْرِ مُظلِمَةٍ ... فاغْفَر هَداكَ مَلِيكُ الناسِ يا عُمَرُ

والثاني: أن {كسبت} مستعمل في الخير خاصة، و {اكتسبت} مستعمل في الشر خاصّة.


(١) تفسير الثعلبي: ٢/ ٣٠٦.
(٢) الكشاف: ١/ ٣٣٢.
(٣) تفسير ابن عثيمين: ٣/ ٤٥٢.
(٤) تفسير ابن كثير: ١/ ٧٣٧.
(٥) أخرجه الطبري (٦٥٠٨): ص ٦/ ١٣١.
(٦) معاني القرآن: ١/ ٣٦٩.
(٧) تفسير الطبري: ٦/ ١٣١.
(٨) ديوانه: ٩٩، وصدره: أو مُطعم الصيد هبّالٌ لبغيته. وانظر: اللسان (هبل)، والعين: ٤/ ٥٣، وأساس البلاغة (طعم) و (هبل)، وتاج العروس (هبل)، وو"جمهرة أشعار العرب" ص ٣٤٦، و"الحيوان" ٤/ ٤٧، و"الأمثال" للميداني ٣/ ٣٠٠، و"تاريخ دمشق" ٤٨/ ١٧٧.
(٩) التفسير البسيط: ٤/ ٥٣٣ - ٥٣٤.
(١٠) مفاتيح الغيب: ٧/ ١١٨.
(١١) مفاتيح الغيب للرازي: ٧/ ١١٨، والبحر المحيط لأبي حيان: ٢/ ٣٦٧، وانظر أيضاً: النكت والعيون للماوردي: ١/ ٣٦٣، زاد المسير لابن الجوزي: ١/ ٣٤٦، الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: ٣/ ٤٣١، أنوار التنزيل للبيضاوي: ١/ ١٤٧، إرشاد العقل السليم لأبي السعود: ١/ ٢٧٦ - ٢٧٧، فتح القدير للشوكاني: ١/ ٤٥٩، وغيرها.
(١٢) ديوانه" ص ٢٠٨، وفي "الأغاني" ٢/ ١٧٨، و"العقد الفريد" ٥/ ٢٥٩، و"الكامل في الأدب" ٣/ ١٩٣، "خزانة الأدب"

<<  <  ج: ص:  >  >>