للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - ومنها: أن الله تعالى مستحق مختص بالحمد الكامل من جميع الوجوه؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أصابه ما يسره قال: "الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات"؛ وإذا أصابه خلاف ذلك قال: "الحمد لله على كل حال" (١).

٣ - ومنها: تقديم وصف الله بالألوهية على وصفه بالربوبية؛ وهذا إما لأن "الله" هو الاسم العَلَم الخاص به، والذي تتبعه جميع الأسماء؛ وإما لأن الذين جاءتهم الرسل ينكرون الألوهية فقط ..

٤ - ومنها: عموم ربوبية الله تعالى لجميع العالم؛ لقوله تعالى: {العالمين}.

القرآن

{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣)} [الفاتحة: ٣]

التفسير:

الرَّحْمَنِ الذي وسعت رحمته جميع الخلق، الرَّحِيمِ، بالمؤمنين، وهما اسمان من أسماء الله تعالى.

قوله تعالى: {الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: ١]، " أي: ذو الرحمة الواسعة، والموصل للرحمة من يشاء من عباده" (٢).

قال مقاتل: " اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر الرحمن يعني المترحم، الرحيم يعني المتعطف بالرحمة" (٣).

قال المراغي: أي: " المفيض للنعم المحسن على عباده بلا حصر ولا نهاية" (٤).

قال العز بن عبدالسلام: أي: " الراحم، أو الرحمن أبلغ" (٥).

قال الشنقيطي (٦): "هما وصفان لله - تعالى - واسمان من أسمائه الحسنى، مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة، والرحمن أشدُّ مبالغة من الرحيم، لأن الرحمن هو ذو الرحمة الشاملة لجميع الخلائق في الدنيا، وللمؤمنين في الآخرة، والرحيم ذو الرحمة للمؤمنين يوم القيامة، وعلى هذا أكثر العلماء" (٧).

قال أبو السعود: " صفتان لله فإن أريد بما فيهما من الرحمة ما يختص بالعقلاء من العالمين أو ما يفيض على الكل بعد الخروج إلى طور الوجود من النعم فوجه تأخيرهما عن وصف الربوبية ظاهر وإن أريد ما يعم الكل في الأطوار كلها حسبما في قوله تعالى ورحمتى وسعت كل شاء فوجه الترتيب أن التربية لا تقتضي المقارنة للرحمة فإيرادهما في عقبها للإيذان بأنه تعالى متفضل فيها فاعل بقضية رحمته السابقة من غير وجوب عليه وبأنها واقعة


(١) سنن ابن ماجة (٣٨٠٣): ص ٢/ ١٢٥٠.
(٢) تفسير ابن عثيمين: ١/ ٥.
(٣) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٦.
(٤) تفسير المراغي: ١/ ٣١.
(٥) تفسير العز بن عبدالسلام: ١/ ٨٩.
(٦) هو محمد الأمين بن محمد المختار بن عبدالقادر الجكني الشنقيطي المدني، ولد بموريتانيا عام ١٣٢٥ هـ، حوالي ١٧ فبراير ١٩٠٥، بمدينة تنبه في موريتانيا، اجتهد في طلب العلم فأصبح من علماء موريتانيا، وتولى القضاء في بلده، فكان موضع ثقة حكَّامها ومحكوميها، وكان من أوائل المدرِّسين في الجامعة الإسلامية سنة ١٣٨١ هـ، ثم عيِّن عضوًا في مجلس الجامعة، كما عيِّن عضوًا في مجلس التأسيس لرابطة العالم الإسلامي، وعضوًا في هيئة كبار العلماء ٨/ ٧ /١٣٩١ هـ، توفي بمكة بعد أدائه لفريضة الحج في السابع عشر من ذي الحجة سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة وألف من الهجرة، وصُلِّي عليه بالمسجد الحرام، ودفن بمقبرة المعلاة بمكة.
(٧) انظر "تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان" لعبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله نشر مؤسسة الرسالة (ص/٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>