للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال عليه السلام: "حفت النار بالشهوات وحفت الجنة بالمكاره" (١) فحسبك أن النار حفت بها، فمن واقعها خلص إلى النار" (٢).

قوله تعالى: {مِنَ النِّسَاءِ} [آل عمران: ١٤]، أي: شهوة الجنس.

قال النسفي: " والإماء داخلة فيها " (٣).

قال الثعلبي: " بدأ بهن [أي النساء] لأنهن حبائل الشيطان وأقرب إلى الفتان" (٤).

قال ابن كثير: " فبدأ بالنساء لأن الفتنة بهن أشد، كما ثبت في الصحيح أنه، عليه السلام، قال مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرُّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّساء". فأما إذا كان القصد بهن الإعفاف وكثرة الأولاد، فهذا مطلوب مرغوب فيه مندوب إليه، كما وردت الأحاديث بالترغيب في التزويج والاستكثار منه، "وإنَّ خَيْرَ هَذه الأمَّةِ كَانَ أكْثرهَا نسَاءً" (٥) وقوله، عليه السلام الدُّنْيَا مَتَاع، وخَيْرُ مَتَاعِهَا المرْأةُ الصَّالحةُ، إنْ نَظَرَ إلَيْها سَرَّتْهُ، وإنْ أَمَرَهَا أَطَاعَتْه، وإنْ غَابَ عَنْها حَفِظْتُه في نَفْسهَا وَمَالِهِ" (٦) وقوله في الحديث الآخر: "حُبِّبَ إلَيَّ النِّسَاءُ والطِّيبُ وجُعلَتْ قُرة عَيْني فِي الصَّلاةِ" (٧) وقالت عائشة، رضي الله عنها: لم يكن شيء أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النساء إلا الخيل، وفي رواية: من الخيل إلا النساء (٨) " (٩).

قوله تعالى: {وَالْبَنِينَ} [آل عمران: ١٤]، أي: ومن البنين.

قال النسفي: " جمع "ابن" وقد يقع في غير هذا الموضع على الذكور والإناث، وهنا أريد به الذكور فهم المشتهون في الطباع والمعدون للدفاع" (١٠).

قال ابن كثير: "وحب البنين تارة يكون للتفاخر والزينة فهو داخل في هذا، وتارة يكون لتكثير النسل، وتكثير أمة محمد صلى الله عليه وسلم ممن يعبد الله وحده لا شريك له، فهذا محمود ممدوح، كما ثبت في الحديث: "تَزَوَّجُوا الوَدُودَ الوَلُودَ، فَإنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأمَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ" (١١) " (١٢).

قوله تعالى: {وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ} [آل عمران: ١٤]، " أي: الأموال الكثيرة المكدَّسة من الذهب والفضة" (١٣).

قال الواحدي: " الذهب: التبر. والقطعة ذهبة، والفضة: الفض في اللغة معناه: التفريق، والكسر، ومنه: لا يفضض الله فاك، فالفضة سميت؛ لأن من شأنها أن تفرق بضرب الدراهم" (١٤).

واختلفوا في مقدار القنطار على سبعة أقاويل:

أحدها: أنه ألف ومائتا أوقية، وهو قول معاذ بن جبل (١٥)، وأبي هريرة (١٦)، وعاصم بن أبي النجود (١٧)، ورواه زر بن حبيش عن أُبيّ بن كعب قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): " القنطار ألف أوقية ومئتا أوقية" (١٨).


(١) أخرجه مسلم ٤/ ٢١٧٤، كتاب الجنة وصفة نعيمها، رقم: ٢٨٢٣، والترمذي ٤/ ٥٩٨، كتاب صفة الجنة، رقم: ٢٥٥٩.
(٢) المحرر الوجيز: ١/ ٤٠٨.
(٣) تفسير النسفي: ١/ ١٥٠.
(٤) تفسير الثعلبي: ٣/ ٢٣، وانظر: تفسير البغوي: ١/ ٤١٧.
(٥) رواه البخاري في صحيحه برقم (٥٠٦٩) موقوفا على ابن عباس.
(٦) رواه مسلم في صحيحه برقم (١٤٦٧) والنسائي في السنن (٦/ ٦٩) وابن ماجه في السنن برقم (١٨٥٥) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه.
(٧) رواه أحمد في المسند (٣/ ١٢٨) والنسائي في السنن (٧/ ٦١) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
(٨) رواه النسائي في الكبرى (٤٤٠٤) من طريق سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك، به. وله شاهد من حديث معقل بن يسار، رواه أحمد في مسنده (٥/ ٢٧).
(٩) تفسير ابن كثير: ٢/ ١٩.
(١٠) تفسير النسفي: ١/ ١٥٠.
(١١) رواه أبو داود في السنن برقم (٢٠٥٠) والنسائي في السنن (٦/ ٦٥) وابن حبان في صحيحه برقم (١٢٢٩) "موارد" والحاكم في المستدرك (٢/ ١٦٢) وصححه وأقره الذهبي من حديث معقل بن يسار.
(١٢) تفسير ابن كثير: ٢/ ١٩.
(١٣) صفوة التفاسير: ١/ ١٧١.
(١٤) التفسير البسيط: ٥/ ٩٧، وانظر: العين: ٧/ ١٣، وتهذيب اللغة: ٣/ ٢٧٩٩.
(١٥) انظر: تفسير الطبري (٦٦٩٦): ص ٦/ ٢٤٤.
(١٦) انظر: تفسير الطبري (٦٧٠٠): ص ٦/ ٢٤٤.
(١٧) انظر: تفسير الطبري (٦٦٩٩): ص ٦/ ٢٤٤.
(١٨) أخرجه الطبري (٦٧٠١): ص ٦/ ٢٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>