للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي أن رجلا أتى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني أتيتك لأجاهد معك. فقال: «ألك حوبة؟ »، فقال: نعم. قال: «ففيها فجاهد» " (١).

وقال الواحدي: "وهو عندي: كل حرمة تأثم الإنسان بتركها وتضييعها من أم أو أخت أو بنت أو غيرهن، ويقال: تحوب فلان إذا تعبد، كأنه يلقي الحوب عن نفسه بالعبادة، مثل: تأثم، وقد يكون التحوب التعبد والتجنب للمأثم" (٢).

وقرأ الحسن: {حوبا}، بنصب الحاء" (٣).

الفوائد:

١ - أن كل مال حرام فهو خبيث، وكل حلال فهو طيب.

٢ - لا يحل للرجل أن يستبدل جيداً من مال يتيمه بمال رديء من ماله؛ كأن يأخذ شاة سمينة ويعطيه هزيلة أو يأخذ تمراً جيداً ويعطيه رديئاً خسيساً.

٣ - لا يحل خلط مال اليتيم مع مال الوصي ويؤكلان جميعاً لما في ذلك من أكل مال اليتيم ظلما.

القرآن

{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (٣)} [النساء: ٣]

التفسير:

وإن خفتم ألا تعدلوا في يتامى النساء اللاتي تحت أيديكم بأن لا تعطوهن مهورهن كغيرهن، فاتركوهن وانكحوا ما طاب لكم من النساء من غيرهن: اثنتين أو ثلاثًا أو أربعًا، فإن خشيتم ألا تعدلوا بينهن فاكتفوا بواحدة، أو بما عندكم من الإماء. ذلك الذي شرعته لكم في اليتيمات والزواج من واحدة إلى أربع، أو الاقتصار على واحدة أو ملك اليمين، أقرب إلى عدم الجَوْرِ والتعدي.

في سبب نزول الآية أقوال:

أحدها: أنهم كانوا يخافون ألاّ يعدلوا في أموال اليتامى، ولا يخافون أن لا يعدلوا في النساء، فأنزل الله تعالى هذه الآية، يريد كما خفتم ألاّ تعدلوا في أموال اليتامى، فهكذا خافوا ألا تعدلوا في النساء، وهذا قول وسعيد بن جبير (٤)، والسدي (٥)، وقتادة (٦)، والضحاك (٧)، والربيع (٨)، وعكرمة (٩)، وروي عن ابن عباس نحو هذا المعنى (١٠).

أخرج الطبري وابن أبي حاتم (١١)، عن سعيد بن جبير قال: " بعث الله تبارك وتعالى محمدًا صلى الله عليه وسلم والناس على أمر جاهليتهم، إلا أن يؤمروا بشيء أو ينهوا عنه، وكانوا يسألونه عن اليتامى فأنزل الله تبارك وتعالى: {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع}، قال: فكما تخافون أن لا تقسطوا في اليتامى، فخافوا أن لا تقسطوا وتعدِلوا في النساء" (١٢).

وفي السياق نفسه وأخرج الطبري عن عكرمة: " كان الرجل يتزوج الأربع والخمس والستَّ والعشر، فيقول الرجل: ما يمنعني أن أتزوج كما تزوج فلان؟ فيأخذ مال يتيمه فيتزوج به، فنهوا أن يتزوجوا فوق الأربع" (١٣).


(١) غريب الحديث" ١/ ٢٢٠. ولم أقف على هذا الحديث في دواوين السنة.
(٢) انظر: غريب الحديث: ١/ ٢٢٠ - ٢٢١، وتهذيب اللغة، مادة"حاب": : ص ١/ ٦٩٠ - ٦٩١. [بتصرف].
(٣) التفسير البسيط: ٦/ ٢٩٩.
(٤) انظر: تفسير الطبري (٨٤٧١): ص ٧/ ٥٣٧.، وتفسير ابن أبي حاتم (٤٧٥٦): ص ٣/ ٨٥٩.
(٥) انظر: تفسير الطبري (٨٤٦٧): ص ٧/ ٥٣٦.
(٦) انظر: تفسير الطبري (٨٤٦٨): ص ٧/ ٥٣٦ - ٥٣٧.
(٧) انظر: تفسير الطبري (٨٤٧٣): ص ٧/ ٥٣٨.
(٨) انظر: تفسير الطبري (٨٤٧٤): ص ٧/ ٥٣٨ - ٥٣٩.
(٩) انظر: تفسير الطبري (٨٤٦٣): ص ٧/ ٥٣٥.
(١٠) انظر: تفسير الطبري (٨٤٧٢): ص ٧/ ٥٣٧ - ٥٣٨.
(١١) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٤٧٥٦): ص ٣/ ٨٥٩.
(١٢) تفسير الطبري (٨٤٧١): ص ٧/ ٥٣٧.
(١٣) تفسير الطبري (٨٤٦٣): ص ٧/ ٥٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>