للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في سبب نزول الآية أقوال:

أحدها: أخرج الطبري عن المعتمر بن سليمان، عن أبيه قال: "زعم حضرميٌّ أن رجلا عمد فدفع ماله إلى امرأته، فوضعته في غير الحق، فقال الله تبارك وتعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} " (١).

والثاني: أخرج الطبري عن ابن عباس، قال: "نزل ذلك في السفهاء، وليس اليتامى من ذلك في شيء" (٢).

والثالث: أخرج الطبري عن سعيد بن جبير، قال: " هو مال اليتيم يكون عندك، يقول: لا تؤته إياه، وأنفقه عليه حتى يبلغ. وإنّما أضاف إلى الأولياء فقال: أموالكم، لأنهم قوّامها ومدبروها " (٣).

قوله تعالى: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا} [النساء: ٥]، "أي: ولا تعطوا المبذرين من اليتامى أموالهم التي جعلها الله قياماً للأبدان ولمعايشكم فيضيعوها" (٤).

قال ابن قتيبة: " أي: لا تعطوا الجهلاء أموالكم، والسفه الجهل. وأراد هاهنا النساء والصبيان" (٥).

قال ابن عباس: " يقول: معاشا، يقول الله جل ثناؤه: لا تعمد إلى مالك، وما خولك الله، وجعله لك معيشة، فتعطيه امرأتك أو بنتك، ثم تضطر إلى ما في أيديهم، ولكن أمسك مالك، وأصلحه، وكن أنت الذي تنفق عليهم في كسوتهم، ورزقهم، ومؤنتهم " (٦).

وأخرج سفيان عن ابن عباس: " {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم}، قال: المرأة، قال: تقول أريد مرطا بكذى أريد شيئا بكذى أو تقول هي أسفه السفهاء" (٧).

قال مجاهد: " نهي الرجال أن يعطوا النساء أموالهم، وهن سفهاء من كن أزواج أو بنات أو أمهات، وأمروا أن يرزقوهم فيه، ويقولوا لهم قولا معروفا " (٨).

وقال عكرمة: "في قول الله جل وعز " {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم} قال: لا تعط ولدك السفيه مالك فيفسده، الذي هو قيامك بعد الله " (٩).

وفي رواية أخرى عن عكرمة: " هو اليتيم يكون عندك، يقول: لا تؤته إياه، وأنفق عليه، حتى يبلغ " " (١٠).

أخرج عبدالرزاق عن الحسن، قال: " «السفهاء ابنك السفيه, وامرأتك السفيهة» وقوله: {قياما} [آل عمران: ١٩١] قال: «قيام عيشك» (١١).

قال عبدالرزاق: " وقد ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " اتقوا الله في الضعيفين: اليتيم والمرأة" (١٢).

قال ابن كثير: " ينهى تعالى عن تَمْكين السفهاء من التصرّف في الأموال التي جعلها الله للناس قياما، أي: تقوم بها معايشهم من التجارات وغيرها. ومن هاهنا يُؤْخَذُ الحجر على السفهاء، وهم أقسام: فتارة يكون الحَجْرُ للصغر؛ فإن الصغير مسلوب العبارة. وتارة يكون الحجرُ للجنون، وتارة لسوء التصرف لنقص العقل أو الدين، وتارة يكون الحجر للفَلَس، وهو ما إذا أحاطت الديون برجل وضاقَ ماله عن وفائها، فإذا سأل الغُرَماء الحاكم الحَجْرَ عليه حَجَرَ عليه" (١٣).

واختلفوا في المراد بالسفهاء في هذا الموضع على أربعة أقاويل:


(١) تفسير الطبري (٨٥٤٦): ص ٧/ ٥٦٤.
(٢) تفسير الطبري (٨٥٤٣): ص ٧/ ٥٦٣.
(٣) تفسير الطبري (٨٥٥٧): ص ٧/ ٥٦٧ - ٥٦٨.
(٤) صفوة التفاسير: ٢٣٧.
(٥) غريب القرآن: ١٢٠.
(٦) أخرجه ابن المنذر (١٣٤٩): ص ٢/ ٥٦١.
(٧) تفسير سفيان الثوري (١٨٨): ٢٤: ٧: ص ٨٨.
(٨) أخرجه ابن المنذر (١٣٥٠): ص ٢/ ٥٦١ - ٥٦٢.
(٩) أخرجه ابن المنذر (١٣٥٤): ص ٢/ ٥٦٣.
(١٠) أخرجه ابن المنذر (١٣٥٥): ص ٢/ ٥٦٣.
(١١) تفسير عبدالرزاق (٥٠٧): ص ١/ ٤٣٣.
(١٢) تفسير عبدالرزاق (٥٠٨): ص/١/ ٤٣٣.
(١٣) تفسير ابن كثير: ٢/ ٢١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>