للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال مجاهد: في البر والصلة" (١).

قال عكرمة: " رزقكم الله ليس أناسي" (٢).

وقال عطاء: " {قولا معروفا}: إذا ربحت أعطيتك كذا وإن غنمت في غزاتي جعلت لك حظا" (٣).

وقال المفضل: "قولا لينا تطيب به أنفسهم، وكلما سكنت إليه النفس أحبته من قول أو عمل فهو معروف، وما أنكرته وكرهته ونفرت منه فهو منكر" (٤).

وفي قوله تعالى: {وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا} [النساء: ٥]، ثلاثة أقوال:

أحدها: أنه الوعد بالجميل، وهو قول مجاهد (٥).

والثاني: الدعاء له كقوله بارك الله فيك، وهو قول ابن زيد (٦).

والثاني: أي: علموهم - مع إطعامكم إياهم، وكسوتكم إياهم - أمر دينهم. قاله الزجاج (٧).

والراجح، هو قول مجاهد أي، أن المراد: "قولوا، يا معشر ولاة السفهاء، قولا معروفًا للسفهاء: إن صَلحتم ورشدتم سلَّمنا إليكم أموالكم، وخلَّينا بينكم وبينها، فاتقوا الله في أنفسكم وأموالكم، وما أشبه ذلك من القول الذي فيه حث على طاعة الله، ونهي عن معصيته" (٨).

روى الشعبي عن أبي بردة عن أبي موسى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثة يدعون الله فلا يستجاب لهم: رجل كانت عنده امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها. ورجل كان له دين فلم يشهد، ورجل أعطى سفيها مالا، وقد قال الله تعالى: {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم}، أي الجهال بموضع الحق» (٩).

روي عن أنس بن مالك قال: "جاءت امرأة سوداء جريئة المنطق ذات ملح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: بأبي وأمي أنت يا رسول الله قل فينا خيرا مرة واحدة، فإنه بلغني أنك تقول فينا كل شر. قال: «أي شيء قلت لكن؟ » قالت: سميتنا السفهاء في كتابه وسميتنا النواقص.

فقال: «وكفى نقصانا أن تدعن من كل شهر خمسة أيام لا تصلين فيهن، أما يكفي إحداكن إذا حملت كان لها كأجر المرابط في سبيل الله، وإذا وضعت كانت كالمتشحط بدمه في سبيل الله، وإذا أرضعت كان لها بكل جرعة كعتق رقبة من ولد إسماعيل، وإذا سهرت كان لها بكل سهرة تسهرها كعتق رقبة من ولد إسماعيل، وذلك للمؤمنات الخاشعات الصابرات اللاتي لا يكفرن بالعشير. قالت السوداء: يا له فضلا لولا ما تبعه من الشرط" (١٠).

الفوائد:

١ - مشروعية الحجر على السفيه لمصلحته.

٢ - استحباب تنمية الأموال في الأوجه الحلال لقرينة: {وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا}.

القرآن

{وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (٦)} [النساء: ٦]

التفسير:

واختبروا مَن تحت أيديكم من اليتامى لمعرفة قدرتهم على حسن التصرف في أموالهم، حتى إذا وصلوا إلى سن البلوغ، وعَلمتم منهم صلاحًا في دينهم، وقدرة على حفظ أموالهم، فسلِّموها لهم، ولا تعتدوا عليها بإنفاقها في غير موضعها إسرافًا ومبادرة لأكلها قبل أن يأخذوها منكم. ومَن كان صاحب مال منكم فليستعفف بغناه، ولا يأخذ من مال اليتيم شيئًا، ومن كان فقيرًا فليأخذ بقدر حاجته عند الضرورة. فإذا علمتم أنهم قادرون


(١) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٧٩٦): ص ٣/ ٨٦٤.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٧٩٧): ص ٣/ ٨٦٤.
(٣) تفسير الثعلبي: ٣/ ٢٥٣.
(٤) تفسير الثعلبي: ٣/ ٢٥٣.
(٥) انظر: تفسير الطبري (٨٥٦٨)، و (٨٥٦٩): ص: ٧/ ٥٧٢ - ٥٧٣.
(٦) انظر: تفسير الطبري (٨٥٧٠): ص ٧/ ٥٧٣.
(٧) معاني القرآن: ٢/ ١٤.
(٨) تفسير الطبري: ٧/ ٥٧٣.
(٩) المستدرك: ٢/ ٣٠٢، وانظر: تفسير الثعلبي: ٣/ ٢٥٢
(١٠) مجمع البيان: ٣/ ١٨، وتفسير الثعلبي: ٣/ ٢٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>