للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على حفظ أموالهم بعد بلوغهم الحُلُم وسلمتموها إليهم، فأَشْهِدوا عليهم; ضمانًا لوصول حقهم كاملا إليهم; لئلا ينكروا ذلك. ويكفيكم أن الله شاهد عليكم، ومحاسب لكم على ما فعلتم.

في سبب نزول الآية:

قال مقاتل (١)، والواحدي (٢)، والثعلبي (٣): " نزلت في ثابت بن رفاعة وفي عمه، وذلك أن رفاعة توفي وترك ابنه ثابتا وهو صغير، فأتى عم ثابت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن ابن أخي يتيم في حجري، فما يحل لي من ماله، ومتى أدفع إليه ماله؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية" (٤).

وفي السياق نفسه أخرج الطبري عن قتادة: ": {ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف}، ذكر لنا أن عَمَّ ثابت بن رفاعة وثابت يومئذ يتيمٌ في حجره من الأنصار، أتى نبيّ الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله، إن ابن أخي يتيمٌ في حجري، فما يحلُّ لي من ماله؟ قال: أن تأكل بالمعروف، من غير أن تقي مالك بماله، ولا تتخذ من ماله وَفْرًا، وكان اليتيم يكون له الحائط من النخل، فيقوم وليه على صلاحه وَسقيه، فيصيب من تمرته، أو تكون له الماشية، فيقوم وليه على صلاحها، أو يلي علاجها ومؤونتها، فيصيب من جُزَازها وَعوارضها ورِسْلها، فأما رقاب المال وأصول المال، فليس له أن يستهلكه" (٥).

قوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} [النساء: ٦]، " أي: اختبروا اليتامى حتى إِذا بلغوا سنَّ النكاح" (٦).

قال ابن عباس: " {وابتلوا اليتامى}، قال: اختبروهم" (٧)، " حتى إذا بلغوا النكاح، قال: عند الحلم" (٨).

قال قتادة والحسن: " يقول: اختبروا اليتامى" (٩).

وقال السدي: أما {ابتلوا اليتامى}، فجرِّبوا عقولهم" (١٠).

قال ابن زيد: " اختبروه في رأيه وفي عقله كيف هو. إذا عُرِف أنه قد أُنِس منه رُشد، دفع ليه ماله. قال: وذلك بعد الاحتلام" (١١)، وفي روياة أخرى عنه: " {حتى إذا بلغوا النكاح}، قال: الحلم" (١٢).

قال مجاهد: " {وابتلوا اليتامى}، قال: عقولهم" (١٣)، " {حتى إذا بلغوا النكاح}، حتى إذا احتلموا" (١٤).

قال الطبري: أي: " واختبروا عقول يتاماكم في أفهامهم، وصلاحهم في أديانهم، وإصلاحهم أموالهم" (١٥).

قال الماوردي: " {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى}، أي: اختبروهم في عقولهم وتمييزهم وأديانهم، {حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ}، يعني: الحُلُم في قول الجميع" (١٦).

قوله تعالى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: ٦]، " أي: فإِن أبصرتم منهم صلاحاً في دينهم ومالهم فادفعوا إِليهم أموالهم بدون تأخير" (١٧).

عن سعيد بن جبير: " في قول الله تعالى: {فادفعوا إليهم أموالهم}، يعني: ادفعوا إلى اليتامى أموالهم إذا كبروا" (١٨).


(١) انظر: تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٥٨.
(٢) انظر: أسباب النزول: ١٤٣.
(٣) انظر: تفسير الثعلبي: ٣/ ٢٥٤.
(٤) أسباب النزول: ١٤٣.
(٥) تفسير الطبري (٨٦٣٨): ص ٧/ ٥٩٠ - ٥٩١، ونقله الحافظ في "الإصابة" في ترجمة ثابت "١/ ١٩٢" من رواية ابن مندة عن قتادة وقال: "هذا مرسل رجاله ثقات".
(٦) صفوة التفاسير: ٢٣٧.
(٧) أخرجه الطبري (٨٥٧٤): ص ٧/ ٥٧٤.
(٨) أخرجه الطبري (٨٥٧٧): ص ٧/ ٥٧٥.
(٩) أخرجه الطبري (٨٥٧١): ص ٧/ ٥٧٤.
(١٠) أخرجه الطبري (٨٥٧٢): ص ٧/ ٥٧٤.
(١١) أخرجه الطبري (٨٥٧٥): ص ٧/ ٥٧٤.
(١٢) أخرجه الطبري (٨٥٧٨): ص ٧/ ٥٧٥.
(١٣) أخرجه الطبري (٨٥٧٣): ص ٧/ ٥٧٤.
(١٤) أخرجه الطبري (٨٥٧٦): ص ٧/ ٥٧٤ - ٥٧٥.
(١٥) تفسير الطبري: ٧/ ٥٧٣.
(١٦) النكت والعيون: ١/ ٤٥٣.
(١٧) صفوة التفاسير: ٢٣٧.
(١٨) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٨٠٩): ص ٣/ ٨٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>