للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن عباس: " {فإن آنستم منهم رشدًا}، قال: عرفتم منهم" (١).

قال الزجاج: " ومعنى (الرشد): الطريقة المستقيمة التي تثقون معها بأنهم يحفظون أموالهم، فادفعوا إليهم أموالهم" (٢).

وفي قوله تعالى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: ٦]، " ستة تأويلات:

أحدها: أن الرشد العقل خاصة، وهو قول مجاهد (٣)، والشعبي (٤).وروي عن ابن عباس: " إذا أدرك اليتيم بحلم وعقل ووقار دفع إليه ماله" (٥).

والثاني: أنه العقل والصلاح في الدين، وهو قول السدي (٦)، وقتادة (٧).

والثالث: أنه صلاح في الدين وإصلاح في المال، وهو قول ابن عباس (٨)، والحسن (٩)، وسعيد بن جبير (١٠)، والشافعي (١١).

والرابع: أنه الصلاح والعلم بما يصلحه، قاله ابن جريج (١٢).

والخامس: أن الرشد: سنة بعد الإحتلام. قاله ابن شبرمة (١٣).

والسادس: أن معنى: {آنستم منهم رشدا}: إذا أقام الصلاة. وهذا قول عبيدة بن عمرو (١٤).

والراجح-والله أعلم- أن بمعنى: "الرشد" في الآية الكريمة: العقل وإصلاح المال، وذلك لإجماع الجميع على أنه إذا كان كذلك، لم يكن ممن يستحق الحجرَ عليه في ماله، وحَوْزَ ما في يده عنه، وإن كان فاجرًا في دينه. وإذْ كان ذلك إجماعًا من الجميع، فكذلك حكمه إذا بلغ وله مال في يَدي وصيِّ أبيه، أو في يد حاكم قد وَلي ماله لطفولته واجبٌ عليه تسليم ماله إليه، إذا كان عاقلا بالغًا، مصلحًا لماله غير مفسد، لأن المعنى الذي به يستحق أن يولَّى على ماله الذي هو في يده، هو المعنى الذي به يستحق أن يمنع يده من ماله الذي هو في يد وليّ، فإنه لا فرق بين ذلك (١٥).

وفي قراءة عبدالله: {فإن أحسيتم منهم رشدا}، بمعنى: أحسستم، أي: وجدتم (١٦).

قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا} [النساء: ٦]، أي: " ولَا تأكلوا في مدة وصايتكم أموال اليتامى مسرفين في الأكل، أو مبادرين بالأخذ خشية أن يكبروا " (١٧).

قال مقاتل: " {ولا تأكلوها إسرافا}، يعني: بغير حق، {وبدارا أن يكبروا}، يقول: يبادر أكلها خشية أن يبلغ اليتيم الحلم فيأخذ منه ماله" (١٨).

قال الماوردي: " يعني: لا تأخذوها إسرافاً على غير ما أباح الله لكم" (١٩).

قال الأخفش: " يقول لا تأكلوها مبادرة أن يشبوا" (٢٠).

قال الواحدي: " أَيْ: لا تبادروا بأكل مالهم كبرَهم ورشدهم حذر أن يبلغوا فيلزمكم تسليم المال إليهم" (٢١).


(١) أخرجه الطبري (٨٥٧٩): ص ٧/ ٥٧٥.
(٢) معاني القرآن: ٢/ ١٤.
(٣) انظر: تفسير الطبري (٨٥٨٤): ص ٧/ ٥٧٦.
(٤) انظر: تفسير الطبري (٨٥٨٦): ص ٧/ ٥٧٧.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٨٠٣): ص ٣/ ٨٦٥.
(٦) انظر: تفسير الطبري (٨٥٨٠): ص ٧/ ٥٧٦ ..
(٧) انظر: تفسير الطبري (٨٥٨١): ص ٧/ ٥٧٦.
(٨) انظر: تفسير الطبري (٨٥٨٢): ص ٧/ ٥٧٦.
(٩) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٤٨٠٥): ص ٣/ ٨٦٥.
(١٠) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٤٨٠٦): ص ٣/ ٨٦٦.
(١١) انظر: تفسير الإمام الشافعي: ٢/ ٥٢٥.
(١٢) انظر: تفسير الطبري (٨٥٨٧): ص ٧/ ٥٧٧.
(١٣) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٤٨٠٨): ص ٣/ ٨٦٦.
(١٤) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (٤٨٠٧): ص ٣/ ٨٦٦.
(١٥) انظر: تفسير الطبري: ٧/ ٥٧٧
(١٦) انظر: تفسير الطبري: ٧/ ٥٧٥.
(١٧) زهرة التفاسير: ٣/ ١٥٩٢، وانظر: أوضح التفاسير: ١/ ٩١.
(١٨) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٥٨.
(١٩) النكت والعيون: ١/ ٤٥٣.
(٢٠) معاني القرآن: ١/ ٢٤٦.
(٢١) الوجيز: ٢٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>