للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسابع: وقيل: هم الأخوة والأخوات (١).

قال الواحدي: " والذي عليه الأكثرون وهو الصواب أن الكلالة ما عدا الوالد والولد" (٢).

قال ابن كثير: "الكلالة: مشتقة من الإكليل، وهو الذي يحيط بالرأس من جوانبه، والمراد هنا من يرثه من حواشيه لا أصوله ولا فروعه" (٣).

قال الزجاج: " زعم أهل اللغة أن الكلالة من قولك: تكلله النسب، أي: لم يكن الذي يرثه ابنه ولا أباه. والكلالة سوى الولد والوالد، والدليل على أن الأب ليس بكلالة قول الشاعر (٤):

فإنّ أَبَا الْمَرْء أحْمَى لَهُ ... ومَوْلَى الكَلالَة لَا يَغضَبُ

وإنما هو كالإكليل الذي على الرأس" (٥).

ويجدر القول بأن الوارث يسمى "كلالة". قاله سعيد بن جبير (٦)، وكما جاء في حديث جابر أنه قال: "ليس يرثني إلا كلالة" (٧).

وكذلك أن الموروث أي: الميت، يسمى "كلالة"، قاله الضحاك والسدي (٨)، ومنه قول الفرزدق (٩):

ورثتم قناة الملك لا عن كلالة ... عن ابني مناف: عبد شمس وهاشم

وقال الطرماح (١٠):

يهز سلاحا لم يرثه كلالة ... يشك به منها جلود المغابن

يصف ثورا وقرنه وأنه ورثه من أبيه، وجعل القرن له كالرمح من الأسلحة، وأنه يشق به مغابن الكلاب. فالكلالة في هذا البيت يحتمل أنه الوارث، ويحتمل أنه الموروث (١١).

وقال النضر بن شميل: أن الكلالة "هو المال" (١٢).

نستنتج بأن كل من مات ولا ولد له ولا والد فهو كلالة ورثته، وكل وارث ليس بوالد للميت ولا ولد له فهو كلالة موروثه (١٣).

قال الشافعي: " والكلالة في هاتين الآيتين (١٤): الميت لا الوارث، وقد قيل للورثة الذين يرثون الميت وليس فيهم أب ولا ولد: كلالة أيضاً، ألا ترى أن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: مرضت فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: "إني رجل لا يرثنى إلا كلالة" (١٥) الحديث، فجعل الكلالة: ورثته، فأما الآيتان: فالكلالة فيهما - الميت - الموروث لا الوارث" (١٦).


(١) انظر: تفسير الثعلبي: ٣/ ٢٦٩.
(٢) التفسير البسيط: ٦/ ٣٦٧.
(٣) تفسير ابن كثير: ٢/ ٢٣٠.
(٤) لم أعرف قائله وهو من "شواهد الزجاج في معانيه" ٢/ ٢٦، "الكشف والبيان" ٤/ ٢٤ أ، "اللسان مادة"كلل"" ٧/ ٣٩١٨، وتهذيب اللغة، مادة"كلل": ص ٩/ ٣٣١، أراد الشاعر: أن أبا المرء أغضب له إذا ظلم، وموالي الكلالة وهم الإخوة والأعمام وبنو الأعمام وسائر القرابات لا يغضبون للمرء غضب الأب. [انظر: التفسير البسيط للواحدي: ٦/ ٣٧١
(٥) معاني القرآن: ٢/ ٢٥ - ٢٦.
(٦) انظر: تفسير الثعلبي: ٣/ ٢٦٩.
(٧) حديث جابر من "تهذيب اللغة" ٩/ ٢٤٧، أخرجه الطبري (٨٧٣١): ص ٨/ ٣٤ بنحوه، وذكره -بنصه- السمين في: عمدة الحفاظ: ٥٠١ (كلل) ..
(٨) انظر: تفسير الثعلبي: ٣/ ٢٦٩.
(٩) البيت في "الكشف والبيان" ٤/ ٢٤ أ، "اللسان" ٧/ ٣٩١٨ (كلل) فيه الشطر الأول، "عمدة الحفاظ" ص ٥٠١ (كلل)، "الدر المصون" ٣/ ٦٠٧، وقد ذكر د. أحمد الخراط في تحقيقه للأخير أن البيت ليس في "ديوان الفرزدق"، هذا مع أني لم أجده في "معجم شواهد العربية" رغم اتفاق من عزوت إليهم على نسبته إلى الفرزدق، فقد يكون سقط من "ديوان الفرزدق" و"منتهى الطلب"، والله أعلم ..
(١٠) ديوانه: ١٣٣، و"البحر المحيط" ٣/ ٣٥٢، و"أساس البلاغة" (كلل) و"الصحاح" (سلح)، و"المحكم" (سلح) و"اللسان" (سلح): (بزغ). والمغابن جمع مغبن، وهو الإبط والرفغ (باطن الفخذ)، وتطلق المغابن على معاطف الجلد أيضا. انظر: "اللسان" ٦/ ٣٢١١ (غبن) ..
(١١) انظر: التفسير البسيط: ٦/ ٣٧٠.
(١٢) تفسير الثعلبي: ٣/ ٢٦٩.
(١٣) تهذيب اللغة" ٤/ ٣١٧٦ (كل) بتصرف، والتفسير البسيط للواحدي: ٦/ ٣٦٩.
(١٤) يقصد الآية (١٢) و (١٧٦) من سورة النساء، قال تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ}.
(١٥) حديث جابر من "تهذيب اللغة" ٩/ ٢٤٧، أخرجه الطبري (٨٧٣١): ص ٨/ ٣٤ بنحوه، وذكره -بنصه- السمين في: عمدة الحفاظ: ٥٠١ (كلل) ..
(١٦) تفسير الإمام الشافعي: ٢/ ٥٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>