للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: على المزوجات أبكارا كن أو ثيبات" (١).

قال الواحدي: " وخص النساء بالذكر في هذه الآية، والحد في الزنا على النساء والرجال واحد؛ لأن المرأة أحرص على الزنا من الرجل، فخصها بالذكر، كما قدم اسمها في آية الزنا، وهو قوله: {الزانية والزاني} [النور: ٢]. وقدم اسم الرجل في آية السرقة في قوله: {والسارق والسارقة} [المائدة: ٣٨] من حيث كان الرجل أحرص على السرقة من المرأة" (٢).

وفي مصحف عبد الله: {الفاحشة من نسائكم} (٣).

قوله تعالى: {فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} [النساء: ١٥]، أي: " فاطلبوا أن يشهد على اقترافهن الزنا أربعة رجال من المسلمين الأحرار" (٤).

قال الطبري: أي: " فاستشهدوا عليهن بما أتين به من الفاحشة أربعة رجال من رجالكم، يعني: من المسلمين" (٥).

وفي قوله تعالى: {فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} [النساء: ١٥]، وجهان (٦):

أحدهما: أنه خطاب للأزواج.

والثاني: خطاب للحكام.

قال السمعاني: " هو خطاب للحكام، يعني: فاطلبوا عليهن أربعة من الشهود، وهذه الآية هي الحجة على أن شهود الزنا أربعة" (٧).

قال عمر بن الخطاب: "إنما جعل الله عز وجل الشهود أربعة سترا ستركم به دون فواحشكم" (٨).

قال القرطبي: " ولا بد أن يكون الشهود ذكورا، لقوله: {مِنْكُمْ}، ولا خلاف فيه بين الأمة. وأن يكونوا عدولا، لأن الله تعالى شرط العدالة في البيوع والرجعة وهذا أعظم، وهو بذلك أولى. وهذا من حمل المطلق على المقيد بالدليل، على ما هو مذكور في أصول الفقه. ولا يكونون ذمة، وإن كان الحكم على ذمية" (٩).

قوله تعالى: {فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} [النساء: ١٥]، "أي: فإِن ثبتت بالشهود جريمتهن فاحبسوهن في البيوت إِلى الموت أو يجعل الله لهنَّ مخلصاً بما يشرعه من الأحكام " (١٠).

قال ابن عباس: " فكانت المرأة إذا زنت حبست في البيت حتى تموت، ثم أنزل الله تبارك وتعالى بعد ذلك: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [سورة النور: ٢]، فإن كانا محصنين رجُما. فهذا سبيلهما الذي جعل الله لهما" (١١).

وقال قتادة: " كان هذا من قبل الحدود، فكانا يؤذّيان بالقول جميعًا، وبحبْس المرأة. ثم جعل الله لهن سبيلا فكان سبيل من أحصن جلدُ مئة ثم رميٌ بالحجارة، وسبيل من لم يحصن جلد مئة ونفي سنة" (١٢).

قال عطاء بن أبي رباح وعبد الله بن كثير: "السبيل الحدّ، الرجم والجلد" (١٣).

قال الطبري: أي: " أو يجعل الله لهن مخرجًا وطريقًا إلى النجاة مما أتين به من الفاحشة" (١٤).

قال مجاهد: " أمر بحبسهن في البيوت حتى يمتن" (١٥). وفي روياة أخرى: " كان أمر بحبسهن حين يشهد عليهن أربعة حتى يمتن" (١٦).


(١) تفسير الراغب الأصفهاني: ٢/ ١١٤٠.
(٢) التفسير البسيط: ٦/ ٣٨٢.
(٣) انظر: تفسير الثعلبي: ٣/ ٢٧١.
(٤) صفوة التفاسير: ٢٤٣.
(٥) تفسير مجاهد: ٨/ ٧٤.
(٦) انظر: زاد المسير: ١/ ٣٨٢.
(٧) تفسير السمعاني: ١/ ٤٠٦.
(٨) زاد المسير: ١/ ٣٨٢.
(٩) تفسير القرطبي: ٥/ ٨٤.
(١٠) صفوة التفاسير: ٢٤٣.
(١١) أخرجه الطبري (٨٧٩٧): ص ٨/ ٧٤.
(١٢) أخرجه الطبري (٨٧٩٨): ص ٨/ ٧٥.
(١٣) أخرجه الطبري (٨٨٠٠): ص ٨/ ٧٥.
(١٤) تفسير الطبري: ٨/ ٨٤.
(١٥) أخرجه الطبري (٨٧٩٥): ص ٨/ ٧٤.
(١٦) أخرجه الطبري (٨٧٩٦): ص ٨/ ٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>