للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال البغوي: " وعامة العلماء على أن الثيب لا يجلد مع الرجم لأن النبي صلى الله عليه وسلم رجم ماعزا والغامدية ولم يجلدهما.

وعند أبي حنيفة رضي الله عنه: التغريب أيضا منسوخ في حق البكر. وأكثر أهل العلم على أنه ثابت، روى نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: «أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب وغرب، وأن أبا بكر رضي الله عنه ضرب وغرب، وأن عمر رضي الله عنه ضرب وغرب» (١) " (٢).

الفوائد:

١ - عظم قبح فاحشة الزنى.

٢ - بيان حد الزنى قبل نسخه بآية سورة النور، وحكم الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في رجم المحصن والمحصنة.

القرآن

{وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا (١٦)} [النساء: ١٦]

التفسير

واللذان يقعان في فاحشة الزنى، فآذُوهما بالضرب والهجر والتوبيخ، فإن تابا عمَّا وقع منهما وأصلحا بما يقدِّمان من الأعمال الصالحة فاصفحوا عن أذاهما.

قوله تعالى: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ} [النساء: ١٦]، "أي واللذان يفعلان فاحشة الزنى منكم" (٣).

قال السدي: " ثم ذكر الجواري والفتيان الذين لم ينكحوا، فقال: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ} " (٤).

قال سعيد بن جبير: " وذكر البكرين اللذين لم يحصنا فقال: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا}، يعني: الفاحشة وهو الزنا" (٥)، " {منكم}، يعني من المسلمين" (٦).

واختلف في قوله تعالى: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ} [النساء: ١٦]، على ثلاثة أقوال:

أحدها: أنهما الرجل والمرأة، إلا أنه لم يُقصَد به بكر دون ثيِّب. وهو قول الحسن (٧)، وعطاء (٨)، وعكرمة (٩)، وعبدالله بن كثير (١٠).

والثاني: أنهما البكران من الرجال والنساء غير المحصنين، وهما غير اللاتي عُنين بالآية قبلها، في قوله: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ} [النساء: ١٥]، معنيٌّ به الثيِّبات المحصنات بالأزواج. وهذا قول السدي (١١).

والثالث: أنهما الرجلان الزانيان. قاله مجاهد (١٢).

والراجح –والله أعلم- أنه "عُني به البكران غير المحصنين إذا زنيا، وكان أحدهما رجلا والآخر امرأة، لأنه لو كان مقصودًا بذلك قصد البيان عن حكم الزناة من الرجال، كما كان مقصودًا بقوله: واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم قصد البيان عن حكم الزواني، لقيل: والذين يأتونها منكم فآذوهم، أو قيل: والذي يأتيها منكم، كما قيل في التي قبلها: واللاتي يأتين الفاحشة، فأخرج ذكرهن على الجميع، ولم يقل: واللتان يأتيان الفاحشة " (١٣).


(١) أخرجه الترمذي في الحدود، باب ما جاء في النفي: ٤/ ٧١١ - ٧١٢ وقال: حديث غريب، وأخرجه الحاكم: ٤/ ٣٦٩ وصححه على شرط الشيخين، والبيهقي في السنن: ٨/ ٢٢٣، وصححه الألباني في الارواء: ٨/ ١١، وانظر: نصب الراية: ٣/ ٣٣١ ..
(٢) تفسير البغوي: ٢/ ١٨٢.
(٣) صفوة التفاسير: ٢٤٣.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٩٨٥): ص ٣/ ٨٩٥.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٩٨٦): ص ٣/ ٨٩٥.
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٩٨٧): ص ٣/ ٨٩٥.
(٧) انظر: تفسير الطبري (٨٨١٦): ص ٨/ ٨٢.
(٨) انظر: تفسير الطبري (٨٨١٧): ص ٨/ ٨٢، و (٨٨١٨): ص ٨/ ٨٣.
(٩) انظر: تفسير الطبري (٨٨١٦): ص ٨/ ٨٢.
(١٠) انظر: تفسير الطبري (٨٨١٨): ص ٨/ ٨٣.
(١١) انظر: تفسير الطبري (٨٨١٢)، و (٨٨١٣): ص ٨/ ٨١ - ٨٢.
(١٢) انظر: تفسير الطبري (٨٨١٤)، و (٨٨١٥): ص ٨/ ٨٢.
(١٣) تفسير الطبري: ٨/ ٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>