للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ} [النساء: ٤٧]، أي: " أو نلعن هؤلاء المفسدين بمسخهم قردة وخنازير، كما لعنَّا اليهود مِن أصحاب السبت" (١).

قال الحسن: " يقول: أو نجعلهم قردة" (٢). وروي عن السدي (٣)، وقتادة (٤) نحو ذلك.

قال ابن زيد: " هم يهود جميعًا، نلعن هؤلاء كما لعنّا الذين لعنّا منهم من أصحاب السبت" (٥).

قال ابن كثير: " يعني: الذين اعتدوا في سبتهم بالحيلة على الاصطياد، وقد مسخوا قردة وخنازير" (٦).

قوله تعالى: {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} [النساء: ٤٧]، أي: " وكان أمر الله نافذًا في كل حال" (٧).

قال مقاتل: " يقول أمره كائن لا بد" (٨).

قال ابن ابي زمنين: " أي: إذا أراد الله أمرا فإنما يقول له: كن فيكون" (٩).

قال ابن كثير: " أي: إذا أمر بأمر، فإنه لا يخالف ولا يمانع" (١٠).

قال الطبري: يعني: " وكان جميع ما أمر الله أن يكون، كائنًا مخلوقًا موجودًا، لا يمتنع عليه خلق شيء شاء خَلْقه. و «الأمر» في هذا الموضع: المأمور، سمي {أمر الله}، لأنه عن أمره كان وبأمره. والمعنى: وكان ما أمر الله مفعولا" (١١).

الفوائد:

١ - يأمر تعالى أهل الكتاب من اليهود والنصارى أن يؤمنوا بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم وما أنزل الله عليه من القرآن العظيم، المهيمن على غيره من الكتب السابقة التي قد صدقها، فإنها أخبرت به فلما وقع المخبر به كان تصديقا لذلك الخبر (١٢).

٢ - أن أهل الكتاب إن لم يؤمنوا بهذا القرآن فإنهم لم يؤمنوا بما في أيديهم من الكتب، لأن كتب الله يصدق بعضها بعضا، ويوافق بعضها بعضا. فدعوى الإيمان ببعضها دون بعض دعوى باطلة لا يمكن صدقها (١٣).

٤ - في الآية حثّ لأهل الكتاب وأنهم ينبغي أن يكونوا قبل غيرهم مبادرين إليه بسبب ما أنعم الله عليهم به من العلم، والكتاب الذي يوجب أن يكون ما عليهم أعظم من غيرهم، ولهذا توعدهم على عدم الإيمان فقال: {من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها} وهذا جزاء من جنس ما عملوا، كما تركوا الحق، وآثروا الباطل وقلبوا الحقائق، فجعلوا الباطل حقا والحق باطلا جوزوا من جنس ذلك بطمس وجوههم كما طمسوا الحق (١٤).

القرآن

{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (٤٨)} [النساء: ٤٨]

التفسير:

إن الله تعالى لا يغفر ولا يتجاوز عمَّن أشرك به أحدًا من مخلوقاته، أو كفر بأي نوع من أنواع الكفر الأكبر، ويتجاوز ويعفو عمَّا دون الشرك من الذنوب، لمن يشاء من عباده، ومن يشرك بالله غيره فقد اختلق ذنبًا عظيمًا.

سبب نزول الآية:


(١) التفسير الميسر: ٨٦.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم (٥٤١٩): ص ٣/ ٩٧٠.
(٣) انظر: الطبري (٩٧٢٨): ص ٨/ ٤٤٧ - ٤٤٨، وتفسير ابن أبي حاتم (٥٤١٩): ص ٣/ ٩٧٠.
(٤) انظر: الطبري (٩٧٢٦): ص ٨/ ٤٤٧، وتفسير ابن أبي حاتم (٥٤١٩): ص ٣/ ٩٧٠.
(٥) أخرجه الطبري (٩٧٢٩): ص ٨/ ٤٤٨.
(٦) تفسير ابن كثير: ٢/ ٣٢٥.
(٧) التفسير الميسر: ٨٦.
(٨) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٧٧.
(٩) تفسير ابن أبي زمنين: ١/ ٣٧٨.
(١٠) تفسير ابن كثير: ٢/ ٣٢٥.
(١١) تفسير الطبري: ٨/ ٤٤٨.
(١٢) انظر: تفسير السعدي: ١٨١.
(١٣) انظر: تفسير السعدي: ١٨١.
(١٤) انظر: تفسير السعدي: ١٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>