للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو أيوب الأنصاري: "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي ابن أخ لا ينتهي عن الحرام، قال: وما دينه؟ قال: يصلي ويوحد الله. قال: استوهب منه دينه، فإن أبى فابتاعه منه، فطلب الرجل ذاك منه فأبى عليه، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره، فقال: وجدته شحيحا على دينه، قال: ونزلت: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} " (١).

قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: ٤٨]، أي: إن الله تعالى لا يغفر ولا يتجاوز عمَّن أشرك به أحدًا من مخلوقاته، أو كفر بأي نوع من أنواع الكفر الأكبر" (٢).

قال مقاتل: " هذا وعيد {إن الله لا يغفر أن يشرك به}، فيموت عليه، يعني: اليهود" (٣).

قال ابن عباس: " فحرم الله المغفرة على من مات وهو كافر، وأرجاها أهل التوحيد إلى مشيئته فلم يؤيسهم من المغفرة" (٤).

قال جابر بن عبد الله: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من عبد يموت لا يشرك بالله شيئا إلا حلت له المغفرة إن شاء غفر له، وإن شاء عذبه قال: إن الله استثنى، فقال: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} " (٥).

قوله تعالى: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨]، أي: " ويتجاوز ويعفو عمَّا دون الشرك من الذنوب، لمن يشاء من عباده" (٦).

قال مقاتل: أي: " لمن مات موحدا فمشيئته- تبارك وتعالى- لأهل التوحيد" (٧).

قال عبدالله بن عمر: " كنا لا نشك فيمن أوجب الله له النار في كتاب الله حتى نزلت علينا هذه الآية: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}، فلما سمعناها كففنا عن الشهادة وأرجينا الأمور إلى الله" (٨).

وفي رواية أخرى عن ابن عمر: " كنا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نشك في قاتل المؤمن وآكل مال اليتيم، وقذف المحصنات، وشهادة الزور حتى نزلت هذه الآية: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} فأمسك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن الشهادة" (٩).

وأخرج ابن ابي حاتم عن عبدالله بن عمر، قال: " لما نزلت هذه الآية: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} (١٠)، فقام رجل، فقال: والشرك يا نبي الله، فكره ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} " (١١).

قال جابر بن عبد الله: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من نفس تموت لا تشرك بالله شيئا إلا حلت لها المغفرة إن شاء الله عذبها، وإن شاء الله غفر لها، {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} " (١٢).

وعن عمران بن حصين، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر، الإشراك بالله، {ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما} " (١٣).

قال السمعاني: " فإن قال قائل: قد قال الله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به} وقال في موضع آخر: {إن الله يغفر الذنوب جميعا} فكيف وجه الجمع؟

قيل أراد به: يغفر الذنوب جميعا سوى الشرك" (١٤).


(١) أخرجه ابن أبي حاتم (٥٤٢٤): ص ٣/ ٩٧١.
(٢) التفسير الميسر: ٨٦.
(٣) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٧٧.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم (٥٤٢٣): ص ٣/ ٩٧٠.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم (٥٤٢٠): ص ٣/ ٩٧٠.
(٦) التفسير الميسر: ٨٦.
(٧) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٧٧.
(٨) أخرجه ابن أبي حاتم (٥٤٢١): ص ٣/ ٩٧٠.
(٩) أخرجه ابن ابي حاتم (٥٤٢٦): ٣/ ٩٧١.
(١٠) [سورة الزمر: ٥٣].
(١١) تفسير ابن أبي حاتم (٥٤٢٢): ص ٣/ ٩٧٠.
(١٢) أخرجه ابن ابي حاتم (٥٤٢٥): ص ٣/ ٩٧١.
(١٣) أخرجه ابن ابي حاتم (٥٤٢٩): ص ٣/ ٩٧١.
(١٤) تفسير السمعاني: ١/ ٤٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>