للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن كثير: أي: " وهم خالدون فيها أبدا، لا يحولون ولا يزولون ولا يبغون عنها حولا" (١).

قال سعيد بن جبير: " طول الرجل من أهل الجنة سبعون ميلا، وطول المرأة ثلاثون ميلا، مقعدتها جريب أرض، وإن شهوته لتجري في جسدها مقدار سبعين عاما، يجد اللذة ولو انقلب الرجل من أهل النار كسلسلة لزالت الجبال " (٢).

قوله تعالى: {لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} [النساء: ٥٧]، " أي: لهم في الجنة زوجات مطهرات من الأقدار والأذى" (٣).

قال ابن كثير: " أي: من الحيض والنفاس والأذى. والأخلاق الرذيلة، والصفات الناقصة" (٤).

قال ابن عباس: " يقول: مطهرة من القذر والأذى" (٥).

وقال قتادة: " قيل: مطهرة من الأذى والمآثم" (٦)، وفي رواية اخرى: " لا حيض ولا كلف" (٧).

عن مجاهد، في قوله عز وجل " {ولهم فيها أزواج مطهرة}، من الحيض، والغائط، والبول، والمخاط، والنخام، والبزاق، والمني، والولد " (٨).

قال مقاتل: " يعني: النساء، {مطهرة}، يعني: المطهرات من الحيض والغائط والبول والقذر كله" (٩).

قوله تعالى: {وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا} [النساء: ٥٧]، "أي ظلاً دائماً لا تنسخه الشمس ولا حر فيه ولا برد" (١٠).

قال ابن كثير: " أي: ظلا عميقا كثيرا غزيرا طيبا أنيقا" (١١).

قال مقاتل: " يعني أكنان القصور، {ظليلا}، يعني: لا خلل فيها" (١٢).

قال الربيع: " وهو ظل العرش الذي لا يزول" (١٣).

قال الزجاج: " معنى «ظليل»: يظل من الريح والحر، وليس كل ظل كذلك، أعلم الله - عز وجل - أن ظل أهل الجنة ظليل لا حر معه ولا برد، وكذلك قوله: {وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} [الواقعة: ٣٠]، لأن ليس كل ظل ممدودا" (١٤).

الفوائد:

١ - أخبر الله تعالى عما يؤول إليه أمر الموحدين بأنه سيدخلهم الجنة، وإن عذبهم فبذنوبهم ولا يخلدون في النار كما قالت الخوارج والمعتزلة والقدرية. وقد أخبر الله سبحانه في القرآن أنه إنما يدخل العباد الجنة بالإيمان والعمل في آيات كثيرة.

٢ - إن الله لم يعلق وعد الجنة إلا باسم الإيمان، لم يعلقه باسم الإسلام مع إيجابه الإسلام، وإخباره أنه دينه الذي ارتضاه، وأنه لا يقبل ديناً غيره، ومع هذا فما قال: إن الجنة أعدت للمسلمين، ولا قال: وعد الله المسلمين بالجنة، بل إنما ذكر ذلك باسم الإيمان، فقال: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا .. } (١٥).

٣ - الإيمان بأن الجنة والنار لا يفنيان.

القرآن

{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (٥٨)} [النساء: ٥٨]


(١) تفسير ابن كثير: ٢/ ٣٣٨.
(٢) أخرجه ابن المنذر (١٩١٥): ص ٢/ ٧٦٠.
(٣) صفوة التفاسير: ٢٥٩.
(٤) تفسير ابن كثير: ٢/ ٣٣٨.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم (٥٥٠٧): ص ٣/ ٩٨٤.
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم (٥٥٠٩): ص ٣/ ٩٨٤.
(٧) أخرجه ابن أبي حاتم (٥٥١٠): ص ٣/ ٩٨٤.
(٨) أخرجه ابن المنذر (١٩١٦): ص ٢/ ٧٦٠.
(٩) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٨١.
(١٠) صفوة التفاسير: ٢٥٩.
(١١) تفسير ابن كثير: ٢/ ٣٣٨.
(١٢) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٨١.
(١٣) أخرجه ابن أبي حاتم (٥٥١١): ص ٣/ ٩٨٥.
(١٤) معاني القرآن: ٢/ ٦٦.
(١٥) انظر: الإيمان لابن تيمية: ٢٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>