للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - أوصى سبحانه من وكل إليه الحكم في خصومة أو الفصل بين الناس في أمر ما أن يحكم بينهم بالعدل سواء كان: محكما، أو ولي أمر عام، أو خاص، ولا عدل إلا ما جاء في كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فذلك الهدى، والنور، والصراط المستقيم.

٣ - أثنى على ما أسداه إلى عباده من الموعظة؛ إغراء لهم بالقيام بحقها، والوقوف عند حدودها.

٤ - إن الآية مدح من الله لأوامره ونواهيه، لاشتمالها على مصالح الدارين ودفع مضارهما، لأن شارعها السميع البصير الذي لا تخفى عليه خافية، ويعلم بمصالح العباد ما لا يعلمون.

٥ - الدلالة على فضل العقل والحياة وشرفهما، وأمانة الإنسان إنما صار صالحا للتكليف بسببهما (١).

٦ - ختم الآية بالثناء على نفسه بما هو أهله؛ من كمال السمع والبصر، ترغيبا في امتثال أمره رجاء ثوابه، وتحذيرا من مخالفة شرعه خوف عقابه.

٧ - إثبات البصر لله تعالى المحيط بجميع المبصرات, وإثبات السمع له المحيط بجميع المسموعات, وهاتان الصفتان من صفات ذاته تعالى وهما متضمن اسميه «السميع البصير».

القرآن

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (٥٩)} [النساء: ٥٩]

التفسير:

يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، استجيبوا لأوامر الله تعالى ولا تعصوه، واستجيبوا للرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من الحق، وأطيعوا ولاة أمركم في غير معصية الله، فإن اختلفتم في شيء بينكم، فأرجعوا الحكم فيه إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، إن كنتم تؤمنون حق الإيمان بالله تعالى وبيوم الحساب. ذلك الردُّ إلى الكتاب والسنة خير لكم من التنازع والقول بالرأي، وأحسن عاقبة ومآلا.

في سبب نزول الآية قولان:

أحدها: أخرج أحمد (٢)، والبخاري (٣)، ومسلم (٤)، والثلاثة (٥)، والطبري (٦)، وابن أبي حاتم (٧)، والواحدي (٨)، من طريق يعلى بن مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ}، قال: "نزلت فى عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدى (٩)، بعثه رسول الله , صلى الله عليه وسلم , فى سرية".

وفي السياق نفسه أخرج أحمد (١٠)، والبخاري (١١)، ومسلم (١٢)، وأبو داود (١٣)، والنسائي (١٤)، من طريق أبي عبد الرحمن السلمي عن علي-رضي الله عنه- قال: " بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية، واستعمل عليهم رجلا من الأنصار، قال: فلما خرجوا - قال -: وجد عليهم في شيء، قال: فقال لهم: أليس قد أمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تطيعوني؟ قال: قالوا: بلى، قال: فقال: اجمعوا حطبا، ثم دعا بنار فأضرمها فيه، ثم قال: عزمت عليكم لتدخلنها، قال: فهم القوم أن يدخلوها، قال: فقال لهم شاب منهم: إنما فررتم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النار، فلا تعجلوا حتى تلقوا النبي صلى الله عليه وسلم، فإن


(١) انظر: المنهاج في شعب الإيمان: ٣/ ٢٥.
(٢) المسند (٣١٢٤): ص ١/ ٣٣٧.
(٣) صحيح البخاري (٤٥٨٤): ص ٦/ ٦٧.
(٤) صحيح المسلم (٤٧٧٤): ص ٦/ ١٣.
(٥) انظر: سنن أبي داود (٢٦٢٤)، وسنن الترمذي (١٦٧٢)، وسنن النسائي ٧/ ١٥٤، والكبرى (٧٧٦٩)، و (٨٧٧٣)، و (١١٠٤٤).
(٦) انظر: تفسير الطبري (٩٨٥٧)، و (٩٨٥٨): ص ٨/ ٤٩٧.
(٧) انظر: تفسير ابن ابي حاتم (٥٥٢٩): ص ٣/ ٩٨٧ - ٩٨٨.
(٨) أسباب النزول: ١٥٨ - ١٥٩.
(٩) هكذا الاسم في البخاري والنسائي، ونقص في أبي داود: "قيس"، وزاد مسلم والترمذي: "السهمي".
(١٠) انظر: المسند (٦٢٢): ص ١/ ٨٢، و (٧٢٤): ص ١/ ٩٤، و (١٠١٨): ص ١/ ١٢٤، و (١٠٦٥): ص ١/ ١٢٩.
(١١) صحيح البخاري (٤٣٤٠): ص ٥/ ٢٠٣، و (٧١٤٥): ص ٩/ ٧٨، و (٧٢٥٧): ص ٩/ ١٠٩.
(١٢) صحيح المسلم (٤٧٩٣): ص ١٣/ ٣٨٥، و (٤٧٩٤)، و (٤٧٩٥): ص ٦/ ١٦.
(١٣) انظر: سنن أبي داود (٢٦٢٥).
(١٤) انظر: سنن النسائي: ٧/ ١٥٩، والكبرى (٧٧٨٠)، و (٨٦٦٨)، و (٨٦٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>