للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب-قال سيبويه: "هو اسم مذكَّر" (١) مفرد، أي اسم جنس، يشمل القليل والكثير.

ج- وقال أبو على الفارسي: "إنه مصدر: كرهبوت، وجبروت، يوصف به الواحد، والجمع، وقلبت لامه إلى موضع العين، وعينه إلى موضع اللام" (٢)، كجبذ، وجذب، ثم تقلب الواو ألفًا؛ لتحركها، وتحرك ما قبلها، فقيل: طاغوت. واختار هذا القول النحاس (٣).

وقيل: "أصل الطاغوت في اللغة: مأخوذ من الطغيان، يؤدي معناه من غير اشتقاق، كما قيل: لآلٍ، من اللؤلؤ" (٤).

ثم اختلف في لفظ الطاغوت أمفرد هو أم جمع على قولين:

الأول: أنه جمع، قاله المبرد ورده عليه جماعة كالفارسي وابن عطية وآخرون (٥).

الثاني: أنه مفرد، واختلفوا على قولين:

أ-أنه مصدر على وزن فَعَلُوت، أي: طَغَيُوِت، فوقع فيه قلب مكاني بين عينه ولامه فصار على وزن فَلَعُوت، أي: طَيَغُوت، ثم قلبت لامه (الياء) ألفا فصار طاغوت. وهو مصدر يوصف به الواحد والجمع، نظير قولهم: رجل عدل وقوم عدل، إذ في الكلام دليل على الواحد أو الجماعة، وهو قولهم: رجل أو قوم، وقد وجد هنا ما يرجح كون المراد به الجماعة وهو قوله: {يُخْرِجُونَهُمْ} [البقرة: ٢٥٧]، وذلك ما جعله الزجاج (٦) شرطاً للجواز، وذلك ظاهر قول الكسائي وأبي حاتم والطبري وأبي علي الفارسي والواحدي والزبيدي وآخرين (٧).

ب-أنه اسم جنس مفرد لطائفة جاوزت الحد في الطغيان، وقد اختار هذا القول أبو حيان (٨)، وحُمِل عليه قول سيبويه بأن: الطاغوت اسم مفرد (٩).

والثاني: أنه اسم عربي مشتق من الطاغية، قاله ابن بحر (١٠).

قوله تعالى: {وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ} [النساء: ٦٠]، أي: " وقد أُمروا أن يكفروا بالباطل" (١١).

قال مقاتل: " يعنى أن يتبرأوا من الكهنة" (١٢).

قال السدي: " وهو أبو الأسلمي الكاهن" (١٣).

وقرأ عباس بن الفضل: {أن يكفروا بها}، ذهابا بالطاغوت إلى الجمع، كقوله: {أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم} (١٤).

قوله تعالى: {وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا} [النساء: ٦٠]، أي: " ويريد الشيطان أن يبعدهم عن طريق الحق، بعدًا شديدًا" (١٥).

قال الواحدي: " أي: ضلالا لا يرجعون عنه إلى دين الله أبدا" (١٦).


(١) الكتاب: ٣/ ٢٤٠. وذكر صاحب اللسان (طغى)، قال ابن منظور: يقع على الواحد، والجمع، والمذكر، والمؤنث، وهي مشتقة من طغى، والطاغوتُ الشيطان، والكاهِنُ، وكلُّ رأْسٍ في الضَّلالة، وقد يكون واحداً قال تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ} [النساء: ٦٠]، وقد يكون جَمْعاً، قال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ} [البقرة: ٢٥٧]، وهو مثل الفُلْكِ يُذَكَّرُ ويؤنَّث، قال تعالى: {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا} [الزمر: ١٧]، والطاغوتُ يكونُ من الأَصْنامِ، ويكون من الجِنِّ والإِنس، ويكون من الشياطين، وجمعُ الطاغوتِ: طَواغِيتُ، والطَّوَاغِي: جمع طاغيَةٍ، ويجوز أَن يُراد بالطَّواغِي: من طَغَى في الكُفرِ، وجاوَزَ الحَدَّ". [لسان العرب لابن منظور، ١٥/ ٧، مادة (طغى)، ومقاييس اللغة، ٣/ ٣٢٢، مادة (طغى)، والمصباح المنير، ٢/ ٢٧٣، مادة (طغى)].
(٢) المحرر الوجيز: ١/ ٣٤٤.
(٣) أنظر: معاني القرآن: ١/ ٢٧٠.
(٤) معاني القرآن للنحاس: ١/ ٢٦٩.
(٥) انظر: المحرر الوجيز لابن عطية: ٢/ ٢٨٥، مفاتيح الغيب للرازي: ٧/ ١٦ - ١٧، البحر المحيط لأبي حيان: ٢/ ٢٧٢.
(٦) أنظر: معاني القرآن: ١/ ٣٤٠.
(٧) انظر: تهذيب اللغة للأزهري: ٨/ ١٦٨، جامع البيان للطبري: ٥/ ٤٢٨، الكشف والبيان للثعلبي: ١/ ١٦٢ ب، البسيط للواحدي: ١/ ١٥٤ ب، فتح الباري لابن حجر: ٩/ ١٧٨.
(٨) انظر: البحر المحيط: ٢/ ٢٨٣.
(٩) انظر: الكتاب لسيبويه: ٣/ ٢٤٠، مجاز القرآن لأبي عبيدة: ١/ ٧٩، المحرر الوجيز لابن عطية: ٢/ ٢٨٥، زاد المسير لابن الجوزي: ١/ ٣٠٧.
(١٠) نقلا عن الماوردي في النكت والعيون: ٣٢٨. ولم اجده في تفسير ابي مسلم الأصفهاني المشهور بابن بحر.
(١١) التفسير الميسر: ٨٨.
(١٢) تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٣٨٥.
(١٣) أخرجه ابن ابي حاتم (٥٥٥١): ص ٣/ ٩٩٢.
(١٤) انظر: الكشاف: ١/ ٥٢٥.
(١٥) التفسير الميسر: ٨٨.
(١٦) الوجيز: ٢/ ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>