للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني ظَفِر بحاجته وأصابَ خيرًا.

ومنه قول الراجز (١):

عَدِمتُ أُمًّا ولَدتْ رِياحَا ... جَاءَتْ بِهِ مُفَرْكَحًا فِرْكَاحَا

تَحْسِبُ أَنْ قَدْ وَلَدَتْ نَجَاحَا! ... أَشْهَدُ لا يَزِيدُهَا فَلاحَا

يعني: "خيرًا وقربًا من حاجتها. والفلاحُ مصدر من قولك: أفلح فلان يُفلح إفلاحًا وفلاحًا وفَلَحًا" (٢)، قال الزمخشري: " والمفلح: الفائز بالبغية كأنه الذي انفتحت له وجوه الظفر ولم تستغلق عليه. والمفلج - بالجيم - مثله. ومنه قولهم المطلقة: استفلحى بأمرك بالحاء والجيم" (٣).

والثاني: وقيل: الفلاح: هو البقاء، وقد ورد ذلك في كلام العرب أشعار، ومن ذلك قول لبيد (٤):

نَحُلُّ بِلادًا، كُلُّهَا حُلَّ قَبْلَنَا ... وَنَرْجُو الْفَلاحَ بَعْدَ عَادٍ وَحِمْيَرِ

يريد البقاء، ومنه أيضًا قول عَبيد (٥):

أَفْلِحَ بِمَا شِئْتَ، فَقَدْ يُدْرَكُ بِالضَّـ ... ـعْفِ، وَقَدْ يُخْدَعُ الأَرِيبُ

يريد: عش وابقَ بما شئت، وكذلك قول نابغة بني ذبيان (٦):

وَكُلُّ فَتًى سَتَشْعَبُهُ شَعُوبٌ ... وَإِنْ أَثْرَى، وَإِنْ لاقَى فَلاحًا

أي نجاحًا بحاجته وبَقاءً (٧).

ومنه قول الأضبط (٨):

لكلّ همّ من الهموم سعه ... والصّبح والمسى لا فلاح معه

قال ابن عطية: "والبقاء يعمه إدراك الأمل والظفر بالبغية، إذ هو رأس ذلك وملاكه، وحكى الخليل (الفلاح) (٩) على المعنيين" (١٠).

الثالث: وقيل: المفلح: هو المقطوع له بالخير (١١)، لأن الفلح في كلامهم القطع (١٢)، وكذلك قيل للأكار فلاح، لأنه يشق الأرض، وقد قال الشاعر (١٣):

لَقَدْ عَلِمتَ يا ابنَ أُمِّ صحصحْ ... أن الحديدَ بالحديدِ يُفلحْ

أَي: "يُشَقُّ ويُقطع" (١٤).


(١) البيت الثاني في اللسان (فركح)، والبيتين من شواهد الطبري في تفسيره: ١/ ٢٥٠، والفركحة: تباعد ما بين الأليتين. والفركاح والمفركح منه، يعني به الذم وأنه لا يطيق حمل ما يحمَّل في حرب أو مأثرة تبقى.
(٢) تفسير الطبري: ١/ ٢٥٠.
(٣) الكشاف: ١/ ٤٦.
(٤) ديوانه القصيدة رقم: ١٤، يرثى من هلك من قومه.
(٥) ديوانه: ٧، وفي المطبوعة والديوان " فقد يبلغ "، وهما روايتان مشهورتان.
(٦) البيت ذكره الطبري في تفسيره: ١/ ٢٥٠، وهو من قصيدة ليست في زيادات ديوانه منها إلا أبيات ثلاثة، ليس هذا أحدها. وشعوب: اسم للمنية والموت، غير مصروف، لأنها تشعب الناس، أي تصدعهم وتفرقهم. وشعبته شعوب: أي حطمته من ألافه فذهبت به وهلك.
(٧) أنظر: تفسير الطبري: ١/ ٢٥٠.
(٨) أنظر: البيان والتبيين للجاحظ: ٣/ ٣٤١. لأضبط بن قريع بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم"، فهو من "بني تميم". وقد عدّ في المعمرين، والبيت من أبيات له، أوردها القالي في أماليه عن ابن دريد عن ابن الأنباري عن ثعلب، قال: قال ثعلب: بلغني أنها قيلت قبل الإسلام بدهر طويل. أنظر: السجستاني: "٨"، البيان والتبيين "٣/ ٣٤١"، الأغاني "١٦/ ١٥٤ وما بعدها"، الأمالي "١/ ١٠٧"، الخزانة "٤/ ٥٨٩"، المثل السائر "١/ ٢٦"، مجالس ثعلب "٤٨٠".
(٩) قال الخليل: الفلاح والفلح لغة: البقاء في الخير، وفلاح الدهر: بقاؤه، وحيّ على الفلاح، أي: هلمّ على بقاء الخير، وفي الشعر فلح، قال [عمرو بن معد يكرب، ديوانه: ٤٧، وأنظر: التهذيب: ١٥/ ٥٨١، واللسان (فيص)]:
أخبر المخبر عنكم أنكم يوم فيف الريح أبتم بالفلح
أريد به الفلاح فقصر". [العين: (فلح (: ص ٣/ ٣٣٦].
(١٠) المحرر الوجيز: ١/ ٨٦.
(١١) أنظر: النكت والعيون: ١/ ٧١.
(١٢) أنظر: اللسان، وتاج العروس، ومختار الصحاح (فلح).
(١٣) لم أتعرف على قائله، والبيت في اللسان، والعين، وشمس العلوم، للحميري، مادة (فلح)، وأنظر: النكت والعيون: ١/ ٧١، والبيت في المحكم: ٣/ ٢٦٦، بلا نسبة.
(١٤) أنظر: اللسان (فلح).

<<  <  ج: ص:  >  >>