للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن مسعود رضي الله عنه: "إذا سمعت الله يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فأرعها سمعك؛ فإنه خير يأمر به، أو شر ينهى عنه" (١).

قال خيثمة: "ما تقرأون في القرآن: {يا أيها الذين آمنوا}، فإنه في التوراة: يا أيها المساكين" (٢).

قال القرطبي: " قال علقمة: كل ما في القرآن {يا أيها الذين آمنوا}، فهو مدني، و {يا أيها الناس} فهو مكي، وهذا خرج على الأكثر" (٣).

واختلف في المخاطبين بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [المائدة: ١]، على قولين:

أحدهما: أنهم المؤمنون من أمة محمد-صلى الله عليه وسلم-، وهذا معنى قول ابن عباس (٤)، ومجاهد (٥)، وقتادة (٦)، والحسن (٧)، عبدالله بن عبيدة (٨)، ومحمد بن كعب القرظي (٩)، وابن زيد (١٠)، ومقاتل (١١)، واختاره ابن عطية (١٢)، والقرطبي (١٣)، وهو قول الجمهور (١٤).

قال ابن عطية: " ولفظ «المؤمنين» يعم مؤمني أهل الكتاب، إذ بينهم وبين الله عقد في أداء الأمانة فيما في كتابهم من أمر محمد صلى الله عليه وسلم ولفظ «العقود» يعم عقود الجاهلية المبنية على بر مثل دفع الظلم ونحوه، وأما في سائر تعاقدهم على الظلم والغارات فقد هدمه الإسلام فإنما معنى الآية أمر جميع المؤمنين بالوفاء على عقد جار على رسم الشريعة" (١٥).

والثاني: أنهم أهل الكتاب، وفيهم نزلت، وهذا قول ابن جريج (١٦)، .

ويسنده قوله تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه} [آل عمران: ١٨٧]، ذكره ابن العربي (١٧).

والصحيح، أنها عامة، لأن" لفظ المؤمنين يعم مؤمني أهل الكتاب، لأن بينهم وبين الله عقدا في أداء الأمانة فيما في كتابهم من أمر محمد -صلى الله عليه وسلم-، فإنهم مأمورون بذلك في قوله: {أوفوا بالعقود} وغير موضع" (١٨).

قوله تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١]، أي: " أتِمُّوا عهود الله الموثقة، من الإيمان بشرائع الدين، والانقياد لها، وأَدُّوا العهود لبعضكم على بعض من الأمانات، والبيوع وغيرها، مما لم يخالف كتاب الله، وسنة رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم-" (١٩).

قال الواحدي: " يعني: بالعهود المؤكَّدة التي عاهدتموها مع الله والنَّاس" (٢٠).


(١) أخرجه ابن أبي حاتم (١٠٣٧): ص ١/ ١٩٦، و (٥٠٢٧): ص ٣/ ٩٠٢
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم (٥٠٢٦): ص ٣/ ٩٠٢.
(٣) تفسير القرطبي: ٦/ ٣١.
(٤) انظر: تفسير الطبري (١٠٩٠٧): ص ٩/ ٤٥٢.
(٥) انظر: تفسير الطبري (١٠٩٠٨): ص ٩/ ٤٥٢ - ٤٥٣.
(٦) انظر: تفسير الطبري (١٠٩٠٥)، و (١٠٩٠٦): ص ٩/ ٤٥٢.
(٧) انظر: النكت والعيون: ٢/ ٦، وتفسير القرطبي: ٦/ ٣٢.
(٨) انظر: تفسير الطبري (١٠٩٠٩): ص ٩/ ٤٥٣.
(٩) انظر: تفسير الطبري (١٠٩١٠): ص ٩/ ٤٥٣.
(١٠) انظر: تفسير الطبري (١٠٩١١)، و (١٠٩١٢): ص ٩/ ٤٥٣.
(١١) انظر: تفسير مقاتل بن سليمان: ١/ ٤٤٨.
(١٢) انظر: المحرر الوجيز: ٢/ ١٤٣.
(١٣) انظر: تفسير القرطبي: ٦/ ٣٢.
(١٤) انظر: زاد المسير: ١/ ٥٠٥.
(١٥) المحرر الوجيز: ٢/ ١٤٣.
(١٦) انظر: تفسير الطبري (١٠٩١٣): ص ٩/ ٤٥٤.
(١٧).
(١٨) تفسير القرطبي: ٦/ ٣٢.
(١٩) التفسير الميسر: ١٠٦.
(٢٠) الوجيز: ٣٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>