للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن عمرو بن عامر، عن أنس: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بقَعْبٍ صغير فتوضأ. قال: قلت لأنس: أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ عند كل صلاة؟ قال: نعم! قلت: فأنتم؟ قال: كنا نصلي الصلوات بوضوء واحد" (١).

وعن أبي غطيف، قال: "صليت مع ابن عمر الظهر، فأتى مجلسا في داره فجلس وجلست معه. فلما نُودي بالعصر دعا بوضوء فتوضأ، ثم خرج إلى الصلاة، ثم رجع إلى مجلسه. فلما نودي بالمغرب دعا بوضوء فتوضأ، فقلت: أسنة ما أراك تَصنع؟ قال، لا وإن كان وَضوئي لصلاة الصبح كافيَّ للصلوات كلها ما لم أحدِث، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من توضأ على طهرٍ كتب له عشر حسنات، ، فأنا رغبت في ذلك" (٢).

قوله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: ٦]، أي: " فاغسلوا الوجوه والأيدي مع المرافق" (٣).

قال السمرقندي: " يعني: مع المرافق" (٤).

قال المبرد: "إذا مد الشيء إلى جنسه تدخل فيه الغاية، وإذا مد إلى خلاف جنسه، لا تدخل فيه الغاية، فقوله: {إلى المرافق} مد إلى جنسه، فتدخل فيه الغاية، وأما قوله: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: ١٨٧] مد إلى خلاف جنسه، فلا تدخل فيه الغاية. والمرفق سمى بذلك؛ لارتفاق الإنسان به بالاتكاء عليه" (٥).

قال الطبري: " قال الشافعي: لم أعلم مخالفا في أن المرافق فيما يغسل، كأنه يذهب إلى أن معناها: فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى أن تُغْسَل المرافق حدثنا بذلك عنه الربيع" (٦).

قوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: ٦]، أي: " وامسحوا رؤوسكم، واغسلوا أرجلكم مع الكعبين" (٧).

قال السمرقندي: " يعني: مع الكعبين" (٨).

قال الواحدي: " وهما النَّاشزان من جانبي القدم" (٩).

واختلف العلماء في وجوب غسل الرجل، والأصح-والله أعلم- "أنه يجب الغسل، وقد دلت السنة عليه، إذ روى عن جابر بن عبد الله قال: رأى النبيّ صلى الله عليه وسلم في رجل رجل مثل الدرهم لم يغسله، فقال: ويل للأعقاب من النار" (١٠) (١١).

قال ابن كثير: " وقوله: {وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ} اختلفوا في هذه "الباء" هل هي للإلصاق، وهو الأظهر أو للتبعيض؟ وفيه نظر، على قولين.

ومن الأصوليين من قال: هذا مجمل فليرجع في بيانه إلى السنة (١٢)، وقد ثبت في الصحيحين من طريق مالك، عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه، أن رجلا قال لعبد الله بن زيد بن عاصم - وهو جد عمرو بن يحيى، وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم -:


(١) اخرجه الطبري (١١٣٣٦): ١٠/ ٢٠.
(٢) اخرجه الطبري (١١٣٣٧): ١٠/ ٢١.
(٣) صفوة التفاسير: ٣٠٣.
(٤) بحر العلوم: ١/ ٣٧٢.
(٥) تفسير السمعاني: ٢/ ١٦.
(٦) تفسير الطبري: ١٠/ ٤٧، والام: ١/ ٢٢.
(٧) التفسير الميسر: ١٠٨.
(٨) بحر العلوم: ١/ ٣٧٢.
(٩) الوجيز: ٣١٠.
(١٠) أخرجه الإمام أحمد في مسنده ٣/ ٣٩٠.
وأخرجه أبو داود في: الطهارة، ٦٦ - باب تفريق الوضوء، حديث ١٧٥، عن خالد عن بعض أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، أخرجه ابن ماجة في: الطهارة وسننها، ٥٥ - باب غسل العراقيب، حديث ٤٥٤، والطبري في تفسيره (١١٥١٣): ص ١٠/ ٧٠.
(١١) انظر: تفسير السمعاني: ٢/ ١٦ - ١٧.
(١٢) انظر: صحيح مسلم برقم (٢٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>