للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال السعدي: " إذا اجتمعوا بالمؤمنين، أظهروا أنهم على طريقتهم وأنهم معهم" (١).

وقرأ محمد بن السميقع: "وإذا لاقوا وهما بمعنى واحد" (٢).

قوله تعالى: {وَإِذَا خَلَوْا إلى شَيَاطِينِهِمْ} [البقرة: ١٤]، "أي: وإِذا انفردوا ورجعوا إِلى رؤسائهم وكبرائهم، أهلِ الضلالِ والنفاق" (٣).

قال السعدي: أي: إلى"رؤسائهم وكبرائهم في الشر" (٤).

قال أبو مالك: قوله: {خلوا}، يعني: مضوا" (٥).

واختلف في معنى {شَيَاطِينِهِمْ} [البقرة: ١٤]، على أقاويل (٦):

أحدها: قالوا: {شَيَاطِينِهِمْ}: أي: سائر أهل الشرك الذين هم على مثل الذي هم عليه من الكُفر بالله وبكتابه ورسوله.

والثاني: وقيل: شياطينهم من اليهود. قاله ابن عباس (٧)، وروي عن السدي (٨)، وأبي العالية (٩) والربيع (١٠) مثل ذلك.

والثالث: وقيل: رءوسهم في الكُفر. وهذا قول ابن مسعود (١١).

والرابع: وقيل: أي رؤسائهم وقادتهم في الشرك والشرّ. قاله قتادة (١٢).

والخامس: وقيل: وهم المشركون. قاله قتادة (١٣).

والسادس: وقيل: أصحابِهم من المنافقين والمشركين. قاله مجاهد (١٤)، والربيع (١٥).

قلت: وجميع آراء السابقة صحيحة، والقول الأول يجمع جميع الأقوال وهو الأقرب، وبه قال الإمام الطبري (١٦).

وفي قوله: {إلى شَيَاطِينِهِمْ} [البقرة: ١٤]، ثلاثة أوجه (١٧):

أحدها: معناه: مع شياطينهم، فجعل (إلى) موضع (مع)، كما قال تعالى: {مَنْ أَنْصَارِي إلى اللهِ} [آل عمران: ٥٢]، يريد: مع الله، وكما توضع (على) في موضع (من)، و (في) و (عن) و (الباء)، كما قال الشاعر (١٨):

إِذَا رَضِيَتْ عَلَيَّ بَنُو قُشَيْرٍ ... لَعَمْرُ اللهِ أَعْجَبَنِي رِضَاهَا

فقوله (رضيتْ عليّ) أريد به: (رضيتْ عَنِّي).

والثاني: وهو قول بعض البصريين: أنه يقال خلوت إلى فلان، إذا جعلته غايتك في حاجتك، وخلوت به يحتمل معنيين: أحدهما الخلاء به في الحاجة، والآخَر في السخرية به.

وعلى القول الأخير: ايكون قوله: {وَإِذَا خَلَوْا إلى شَيَاطِينِهِمْ}، أفصح، وهو على حقيقته مستعمل.


(١) تفسير السعدي: ١/ ٤٣.
(٢) تفسير الثعلبي: ١/ ١٥٥.
(٣) صفوة التفاسير: ١/ ٣٠.
(٤) تفسير السعدي: ١/ ٤٣.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم (١٣٥): ص ١/ ٤٧.
(٦) انظر: تفسير الطبري: ١/ ١٩٥ - ١٩٨.
(٧) أنظر: تفسير الطبري (٣٤٩)، و (٣٥٠): ص ١/ ٢٩٦ - ٢٩٧، وابن أبي حاتم (١٣٧): ص ١/ ٤٧.
(٨) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم (١٤٠): ص ١/ ٤٨.
(٩) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم: ١/ ٤٨.
(١٠) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم: ١/ ٤٨.
(١١) أنظر: تفسير الطبري (٣٥١): ص ١/ ٢٩٧.
(١٢) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم (١٣٨): ص ١/ ٤٧، ونحوه في تفسير الطبري (٣٥٢): ص ١/ ٢٩٧.
(١٣) أنظر: تفسير الطبري (٣٥٣): ص ١/ ٢٩٧.
(١٤) أنظر: تفسير الطبري (٣٥٤)، و (٣٥٥)، و (٣٥٨): ص ١/ ٢٩٧ - ٢٩٨، وابن أبي حاتم (١٣٩): ص ١/ ٤٧.
(١٥) أنظر: تفسير الطبري (٣٥٦): ص ١/ ٣٩٨.
(١٦) أنظر: تفسير الطبري: ١/ ٢٩٦.
(١٧) أنظر: النكت والعيون: ١/ ٧٦، وتفسير الطبري: ١/ ١٩٨ - ١٩٩.
(١٨) الشعر للعقيف العقيلي، يمدح حكيم بن المسيب القشيري. نوادر أبي زيد: ١٧٦، خزانة الأدب ٤: ٢٤٧، وغيرهما كثير.

<<  <  ج: ص:  >  >>