للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} [البقرة: ٢١] النداء هنا وجِّه لعموم الناس مع أن السورة مدنية؛ والغالب في السور المدنية أن النداء فيها يكون موجهاً للمؤمنين، والله أعلم بما أراد في كتابه؛ ولو قال قائل: لعل هذه آية مكية جعلت في السورة المدنية؟

فالجواب: أن الأصل عدم ذلك - أي عدم إدخال الآية المكية في السور المدنية، أو العكس؛ ولا يجوز العدول عن هذا الأصل إلا بدليل صحيح صريح؛ وعلى هذا فما نراه في عناوين بعض السور أنها مدنية إلا آية كذا، أو مكية إلا آية كذا غير مسلَّم حتى يثبت ذلك بدليل صحيح صريح؛ وإلا فالأصل أن السورة المدنية جميع آياتها مدنية، وأن السور المكية جميع آياتها مكية إلا بدليل ثابت (١).

واختلف في {الناس}، في قوله تعالى {يا أيها الناسُ اعبدُوا رَبكم} [البقرة: ٢١]، على وجهين:

أحدهما: أنه: للفريقين جميعا من الكفار والمنافقين (٢). قاله ابن عباس (٣).

أي وَحِّدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم. قال الطبري: والذي أراد ابن عباس - إن شاء الله- وحِّدوه، أي أفردُوا ربكم بالطاعة والعبادة دون سائر خلقه .. وكذا أمر سائر خلقه المكلَّفين - بالاستكانة، والخضوع له بالطاعة، وإفراده بالربوبية والعبادة دون الأوثان والأصنام والآلهة وسائر ما يُعبد من دونه وهو الراجح في تفسير الطاغوت في قوله سبحانه {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ


(١) تفسير ابن عثيمين: ١/ ٧٣.
(٢) انظر: تفسير الطبري: ١/ ٣٦٤، وتفسير ابن كثير: ١/ ١٩٥.
(٣) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم (٢١٥): ص ١/ ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>