للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الطبري: فلما آتاهموها الله أصبحوا بها جاحدين، منكرين أن تكون دلالة على حقيقة ما احتُجَّ بها عليهم، وبرهانًا على صحة ما جُعلت برهانًا على تصحيحه كقوم صالح الذين سألوا الآيةَ، فلما جاءتهم الناقة آيةً عقروها وكالذين سألوا عيسى مائدة تنزل عليهم من السماء، فلما أعطوها كفروا بها، وما أشبه ذلك، فحذَّر الله تعالى المؤمنين بنبيه صلى الله عليه وسلم أن يسلكوا سبيل من قبلهم من الأمم التي هلكت بكفرهم بآيات الله لما جاءتهم عند مسألتهموها، فقال لهم: لا تسألوا الآيات، ولا تبحثوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم، فقد سأل الآيات من قبلكم قومٌ، فلما أوتوها أصبحوا بها كافرين" (١).

قال القرطبي: " أخبر تعالى أن قوما من قبلنا قد سألوا آيات مثلها، فلما أعطوها وفرضت عليهم كفروا بها، وقالوا: ليست من عند الله، وذلك كسؤال قوم صالح الناقة، وأصحاب عيسى المائدة، وهذا تحذير مما وقع فيه من سبق من الأمم" (٢).

وقال ابن أبي زمنين: " {ثم أصبحوا بها كافرين}، يعني: أهل الكتاب: حدثنا يحيى، وبلغني أنها في قراءة أبي بن كعب: «قد سألها قوم من قبلكم فبينته لهم»، فأصبحوا بها كافرين" (٣).

قال الماتريدي: " هذا يدل على أن النهي عن السؤال في الآي لأحد شيئين:

- إما أن سألوا الآيات عنه بعد ما ظهرت وثبتت لهم رسالته، فلما أتى بها كفروا بها؛ ألا ترى أنه قال: {قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين}، وقد كان الأمم السالفة يسألون من الرسل - عليهم السلام - الآيات بعد ظهورها عندهم.

- ويحتمل: ما ذكرنا من قولهم: أين نحن؟ ومن أبي؟ ومن أنا؟ ونحوه، فلما أن أخبرهم بذلك كفروا به" (٤).


(١) تفسيرالطبري: ١١/ ١١٥.
(٢) تفسير القرطبي: ٦/ ٣٣٤.
(٣) تفسير ابن أبي زمنين: ٢/ ٤٩.
(٤) تفسير الماتريدي: ٣/ ٦٣٢ - ٦٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>