للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكن على الاتِّباع فهو مردود لا يقبل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" (١) " (٢).

قال الزمخشري: {الصَّالِحَاتِ} البقرة: ٢٥]، "كل ما استقام من الأعمال بدليل العقل والكتاب والسنة، واللام للجنس" (٣).

قوله تعالى: {أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ} [البقرة: ٢٥]، " أي بأن لهم حدائق وبساتين ذاتِ أشجار ومساكن" (٤).

قوله تعالى {تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَار} [البقرة: ٢٥]، أي: " تجري من تحت قصورها ومساكنها أنهار الجنة" (٥).

قال ابن كثير: " أي: من تحت أشجارها وغرفها" (٦).

قال البغوي: "أي من تحت أشجارها ومساكنها" (٧).

قال ابن عثيمين: "أي تسيح من تحتها الأنهار" (٨).

و{الأنْهَار} أي "المياه في الأنهار لأن النهر لا يجري وقيل {من تحتها} أي بأمرهم لقوله تعالى حكاية عن فرعون "وهذه الأنهار تجري من تحتي" (٥١ - الزخرف) أي بأمري والأنهار جمع نهر سمي به لسعته وضيائه. ومنه النهار. وفي الحديث "أنهار الجنة تجري في غير أخدود" (٩) " (١٠).

قوله تعالى {جتّات} جمع (جَنّة) وهي لغة: "كل بستان ذي شجر يستر بأشجاره الأرض" (١١)، وعرفها صاحب لسان العرب، بقوله: "والجنة: البستان، ومنه الجنات، والعرب تسمي النخيل جنة .. والجنة: الحديقة ذات الشجر والنخل، وجمعها جنان .. لاتكون الجنة في كلام العرب إلا وفيها نخل وعنب، فإن لم يكن فيها ذلك وكانت ذات شجر فهي حديقة وليست بجنة .. وقد ورد ذكر الجنة في القرآن العزيز والحديث الكريم في غير موضع .. وسميت بالجنة وهي المرة الواحدة من مصدر جنه جنا إذا ستره، فكأنما سَترةٌ واحدة لشدة التفافها وإظلالها" (١٢).

و(الجنة) اصطلاحا كما قال الرازي: "ذكر الجنة بلام التعريف، فينصرف إلى ما هو المعلوم عند المسلمين، وليس ذلك إلا دار الثواب" (١٣). ويقول الصاوي: "والمراد منها دار الثواب" (١٤).

وإن الجنة من المسائل الغيبية، ومنهج أهل السنة والجماعة في إثبات هذه المسائل، يبينه صاحب تبصرة الأدلة، فيقول: " إن الدلائل السمعية وردت بثبوت عذاب القبر، فلا بد من القول بثبوته، ثم هو من الممكنات" (١٥).


(١) أخرجه البخاري ص ٢١٤، كتاب الصلح، باب ٥: إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، حديث رقم ٢٦٩٧؛ وأخرجه مسلم ص ٩٨٢ – ٩٨٣، كتاب الأقضية، باب ٨: نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، حديث رقم ٤٤٩٣ [١٨] ١٧١٨، واللفظ لمسلم.
(٢) تفسير ابن عثيمين: ١/ ٩٠.
(٣) تفسير الكشاف: ١/ ١٠٥.
(٤) صفوة التفاسير: ١/ ٣٦.
(٥) صفوة التفاسير: ١/ ٣٦.
(٦) تفسير ابن كثير: ١/ ٢٠٤.
(٧) تفسير البغوي: ١/ ٧٤.
(٨) تفسير ابن عثيمين: ١/ ٩١.
(٩) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف: ١٣/ ٩٦، وهناد في الزهد: ١/ ١٧١، والطبري في التفسير: ١/ ٣٨٤. والمروزي في زوائد الزهد ص (٥٢٤) وعزاه السيوطي أيضا لابن أبي حاتم وأبي الشيخ البيهقي في البعث وصححه عن ابن مسعود انظر: الدر المنثور: ١/ ٩٤، تفسير ابن كثير: ٤/ ١٧٧، والفتح السماوي ١/ ١٤٨.
(١٠) تفسير البغوي: ١/ ٧٤.
(١١) المفردات في غريب القرآن، الراغب الأصفهاني، تحقيق: صفوان داوودي، دمشق، دار القلم، ط ١، ١٩٩٢ م، ص ٢٠٤.
(١٢) انظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، القاهرة، دار الحديث، دون ذكر رقم الطبعة، ١٤٢٣ هـ-٢٠٠٣ م، ج ٢، ص ٢٣٥ - ٢٣٦.
(١٣) الرازي، محمد بن عمر، الإشارة في أصول الكلام، تحقيق: محمد العايدي وربيع العايدي، عمان- الأردن، مركز نور العلوم، ط ١، ١٤٢٨ هـ-٢٠٠٧ م، ص ٣٥٢.
(١٤) الصاوي، أحمد بن محمد، شرح الصاوي على جوهرة التوحيد، تحقيق: د. عبد الفتاح البزم، دمشق – بيروت، دار ابن كثير، ط ٣، ١٤٢٤ هـ-٢٠٠٣ م، ص ٣٩٤.
(١٥) النسفي، أبو المعين ميمون، تبصرة الأدلة في أصول الدين, تحقيق وتعليق الأستاذ الدكتور حسين أتاي والدكتور شعبان علي دوزكون، رئاسة الشؤون الدينية للجمهورية التركية – أنقرة، ١٩٩٠ م، دون ذكر رقم الطبعة، ج ٢، ص ٣٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>