للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثالث: أنه على العموم في كل ما أمر الله تعالى به أن يوصل.

والقول الأول هو الأشبه بالصواب، "لأن فيه حمل اللفظ على مدلوله من العموم، ولا دليل واضح على الخصوص" (١)، وقد رحجه ابن جرير قائلا: " وقد بين ذلك في كتابه، فقال تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [سورة محمد: ٢٢]، وإنما عَنى بالرّحم، أهل الرّحم الذين جمعتهم وإياه رَحِمُ والدة واحدة، وقطعُ ذلك: ظلمه في ترك أداء ما ألزم الله من حقوقها، وأوجبَ من بِرِّها، وَوَصْلُها: أداءُ الواجب لها إليها من حقوق الله التي أوجبَ لها، والتعطفُ عليها بما يحقُّ التعطف به عليها" (٢).

قوله تعالى: {وَيُفْسِدُونَ في الأَرْضِ} [البقرة: ٢٧]، "أي: ويسعون لما به فساد الأرض فساداً معنوياً كالمعاصي؛ وفساداً حسياً كتخريب الديار، وقتل الأنفس" (٣).

قال الواحدي: " بالمعاصي، وتعويق الناس عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم" (٤).

قال المراغي: " بصدهم عن سبيل الله يبغونها عوجا، وبالاستهزاء بالحق بعد ما تبين، وبإهمالهم هداية العقل وهداية الدين، فوجودهم في الأرض مفسدة لأنفسهم ومفسدة لأهلها" (٥).

قال الصابوني: " بالمعاصي، والفتن، والمنع عن الإيمان، وإثارة الشبهات حول القرآن" (٦).

قال الطبري: بـ"معصيتهم ربّهم، وكفرهم به، وتكذيبهم رسوله، وجحدهم نبوته، وإنكارهم ما أتاهم به من عند الله أنه حقٌّ من عنده" (٧).

وقال مصعب: "فكان سعد يسميهم الفاسفين" (٨).

وذكروا في إفسادهم في الأرض ثلاثة أقوال (٩):

أحدها: هو استدعاؤهم إلى الكفر.

والثاني: أنه إخافتهم السُّبُلَ وقطعهم الطريق.

والثالث: المعصية. قاله السدي (١٠) ومقاتل بن حيان (١١).

قوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [البقرة: ٢٧]، أي: أولئك المذكورون هم "المغبونون" (١٢).

قال الثعلبي: " أي المغبونون بالعقوبة وفوت المثوبة" (١٣).

أخرج ابن أبي حاتم بسنده "عن مقاتل بن حيان: أولئك هم الخاسرون في الآخرة" (١٤). وفي رواية أخرى له: " هم أهل النار" (١٥).

قال ابن كثير: أي: "في الآخرة، وهذا كما قال تعالى: {أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} [الرعد: ٢٥] " (١٦).

قال الصابوني: "لأنهم استبدلوا الضلالة بالهدى، والعذاب بالمغفرة" (١٧).


(١) البحر المحيط: ١/ ١٠٥.
(٢) تفسير الطبري: ١/ ٤١٥.
(٣) انظر: تفسير الطبري: ١/ ٤١٧، وتفسير ابن كثير: ١/ ٢١١.
(٤) انظر: التفسير البسيط: ٢/ ٢٨٧، وانظر: تفسير الثعلبي: ١/ ١٧٣.
(٥) تفسير المراغي: ١/ ٦٩.
(٦) صفوة التفاسير: ١/ ٣٨ - ٣٩.
(٧) تفسير الطبري: ١/ ٤١٦.
(٨) أخرجه ابن أبي حاتم (٢٩٥): ص ١/ ٧٢.
(٩) أنظر: النكت والعيون: ١/ ٩٠.
(١٠) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم (٢٩٦): ص ١/ ٧٢.
(١١) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم (٢٩٧): ص ١/ ٧٢.
(١٢) تفسير البغوي: ١/ ٧٧.
(١٣) تفسير الثعلبي: ١/ ١٧٣.
(١٤) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم (٢٩٨): ص ١/ ٧٢.
(١٥) أنظر: تفسير ابن أبي حاتم (٢٩٩): ص ١/ ٧٢.
(١٦) تفسير ابن كثير: ١/ ٢١١.
(١٧) صفوة التفاسير: ١/ ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>