للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مجاهد: " "بعضهن فوق بعض، وسبع أرضين بعضهن تحت بعض" (١).

قال الطبري: " يعني هيأهن وخلقهن ودبَّرهن وقوَّمهن. والتسوية في كلام العرب، التقويم والإصلاح والتوطئة، كما يقال: سوَّى فلان لفلان هذا الأمر. إذا قوّمه وأصلحه وَوَطَّأه له. فكذلك تسوية الله جل ثناؤه سمواته: تقويمه إياهن على مشيئته، وتدبيره لهنّ على إرادته، وتفتيقهنّ بعد ارتتاقهنّ" (٢).

قوله تعالى: {وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة: ٢٩]، "أي وهو عالم بكل ما خلق وذرأ" (٣).

قال سعيد بن جبير: " يعني من أعمالكم عليم" (٤).

قال الطبري: " وقوله: {عليم}، بمعنى عالم. ورُوي عن ابن عباس أنه كان يقول: "هو الذي قد كمَل في علمه" (٥).

قال ابن عثيمين: ومن علمه عزّ وجلّ أنه علم كيف يخلق هذه السماء" (٦).

قال الصابوني: " أفلا تعتبرون بأن القادر على خلق ذلك - وهي أعظم منكم - قادر على إعادتكم؟ ! بلى إنه على كل شيء قدير" (٧).

قال ابن عطية: "وهذه الآية تقتضي أن الأرض وما فيها خلق قبل السماء، وذلك صحيح، ثم دحيت الأرض بعد خلق السماء، وبهذا تتفق معاني الآيات: هذه والتي في سورة المؤمن وفي النازعات" (٨).

قال البغوي: " قرأ أبو جعفر وأبو عمرو والكسائي وقالون وهو وهي بسكون الهاء إذا كان قبل الهاء واو أو فاء أو لام، زاد الكسائي وقالون: ثم هو وقالون {أن يمل هو} [البقرة: ٢٨٢] " (٩).

الفوائد:

١ من فوائد الآية: منّة الله تعالى على عباده بأن خلق لهم ما في الأرض جميعاً؛ فكل شيء في الأرض فإنه لنا. والحمد لله. والعجب أن من الناس من سخر نفسه لما سخره الله له؛ فخدم الدنيا، ولم تخدمه؛ وصار أكبر همه الدنيا: جمع المال، وتحصيل الجاه، وما أشبه ذلك.

٢ ومنها: أن الأصل في كل ما في الأرض الحلّ. من أشجار، ومياه، وثمار، وحيوان، وغير ذلك؛ وهذه قاعدة عظيمة؛ وبناءً على هذا لو أن إنساناً أكل شيئاً من الأشجار، فقال له بعض الناس: "هذا حرام"؛ فالمحرِّم يطالَب بالدليل؛ ولو أن إنساناً وجد طائراً يطير، فرماه، وأصابه، ومات، وأكله، فقال له الآخر: "هذا حرام"؛ فالمحرِّم يطالب بالدليل؛ ولهذا لا يَحْرم شيء في الأرض إلا ما قام عليه الدليل.

٣ ومن فوائد الآية: تأكيد هذا العموم بقوله تعالى: {جميعاً} مع أن {ما} موصولة تفيد العموم؛ لكنه سبحانه وتعالى أكده حتى لا يتوهم واهم بأن شيئاً من أفراد هذا العموم قد خرج من الأصل.

٤ ومنها: إثبات الأفعال لله عزّ وجلّ. أي أنه يفعل ما يشاء؛ لقوله تعالى: {ثم استوى إلى السماء}: و {استوى} فعل؛ فهو جلّ وعلا يفعل ما يشاء، ويقوم به من الأفعال ما لا يحصيه إلا الله، كما أنه يقوم به من الأقوال ما لا يحصيه إلا الله.

٥ ومنها: أن السموات سبع؛ لقوله تعالى: (سبع سموات)

٦ ومنها: كمال خلق السموات؛ لقوله تعالى: (فسواهن).

٧ ومنها: إثبات عموم علم الله؛ لقوله تعالى: (وهو بكل شيء عليم)


(١) أخرجه ابن أبي حاتم (٣١١): ص ١/ ٧٥.
(٢) تفسير الطبري: ١/ ٤٣١.
(٣) صفوة التفاسير: ١/ ٣٩.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم (٣١٢): ص ١/ ٧٥.
(٥) انظر: تفسير الطبري (٥٩٦): ص ١/ ٤٣٨.
(٦) تفسير ابن عثيمين: ١/ ١١٠.
(٧) صفوة التفاسير: ١/ ٣٩.
(٨) المحرر الوجيز: ١/ ١١٥.
(٩) تفسير البغوي: ١/ ٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>