للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القرطبي: أي" فلم رضيتم بقتل الأنبياء " (١).

قال الزجاج: "أيْ: أيُّ كتاب جُوّز فيه قتل نبي، وأي دين وإيمان جُوز فيه" (٢).

قال القاسمي: أي: "فلم قتلتم الأنبياء الذين جاءوكم بتصديق التوراة التي بأيديكم وأنتم تعلمون صدقهم، قتلتموهم بغيا وعنادا، واستكبارا على رسل الله، فلستم تتبعون إلا مجرد الأهواء والآراء والتشهي كما قال تعالى أَفَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ [البقرة: ٨٧] " (٣).

قال السدي: " فقال الله وهو يعيرهم: {فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين} " (٤).

قال البيضاوي: "وإنما أسنده إليهم، لأنه فعل آبائهم، وأنهم راضون به عازمون عليه" (٥) (٦).

وقرأ نافع وحده {أَنْبِياءَ اللَّهِ}، مهموزاً في جميع القرآن (٧).

قوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: ٩١]، " أي إن كنتم معتقدين الإيمان" (٨).

قال الطبري: " إن كنتم مؤمنين بما نزل الله عليكم كما زعمتم" (٩).

قال القاسمي: " أي إن كنتم صادقين في دعواكم الإيمان بما أنزل إليكم" (١٠).

قال ابن إسحاق: " إن كنتم صدقتم نبيي، بما جاءكم به عني" (١١).

قال القرطبي: "رد من الله تعالى عليهم في قولهم إنهم آمنوا بما أنزل عليهم، وتكذيب منه لهم وتوبيخ" (١٢).

ويحتمل قوله تعالى: : {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [البقرة: ٩١]، وجهان من التفسير (١٣):

أحدهما: ما كنتم مؤمنين.

والثاني: إِنَّ إِيمانكم ليس بإيمان.

وقد اختلف أهل اللغة في ابتداء الخبر على لفظ المستقبل، في قوله تعالى {قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ} [البقرة: ٩١]، على قولين (١٤):

أحدهما: إن الخطاب لمن شُوهِدَ من أهل مكةَ ومنْ غاب خطَابٌ واحد، فإذا قَتَل أسْلافُهم الأنبياءَ وهم مُقِيمُون على ذلك المذهب فقد شَرَكُوهم في قَتْلِهمْ.

والثاني: وقيل: لِمَ رَضيتمُ بذلك الفعل، ومنه قول الشاعر (١٥):


(١) تفسير القرطبي: ٢/ ٣٠. وانظر: تفسير الطبري: ٢/ ٣٥١.
(٢) معاني القرآن: ١/ ١٧٥.
(٣) محاسن التأويل: ١/ ٣٥٢.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم (٩٢٥) ب: ١/ ١٧٥.
(٥) تفسير البيضاوي: ١/ ٩٤.
(٦) وفي معناه حديث أم سلمة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنها ستكون أمراء، تعرفون وتنكرون، فمن أنكر فقد برئ ومن كره فقد سلم، ولكن من رضي وتابع" رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" ٨/ ٦٢١ وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الخطيئة إذا عملت في الأرض كان من غاب عنها ورضيها كمن حضرها، ومن شهدها وسخطها كان كمن غاب عنها وأنكرها" رواه أبو داود.
(٧) انظر: تفسير البيضاوي: ١/ ٩٤.
(٨) تفسير القرطبي: ٢/ ٣٠. وانظر: تفسير الطبري: ٢/ ٣٥١.
(٩) تفسير الطبري: ٢/ ٣٥٤.
(١٠) محاسن التأويل: ١/ ٣٥٢.
(١١) أخرجه ابن أبي حاتم (٩٢٦): ١/ ١٧٥.
(١٢) تفسير القرطبي: ٢/ ٣٠.
(١٣) انظر: معاني القرآن للزجاج: ١/ ١٧٥.
(١٤) لنظر: معاني القرآن للزجاج: ١/ ١٧٥، وتفسير الطبري: ٢/ ٣٥٠ - ٣٥٤.
(١٥) في حاشية الأمير على مغنى اللبيب ١: ٢٥ قال: " في حاشية السيوطي " قائله زائدة ابن صعصعة الفقعسي، يعرض بزوجته، وكانت أمها سرية "، ولم ينسبه السيوطي في شرحه على شواهد المغنى: ٣٣. وومعانى الفراء: ٦١، ١٧٨ وقبل البيت يقول لامرأته:
رمتنى عن قوس العدو، وباعدت ... عبيدة، زاد الله ما بيننا بعدا

<<  <  ج: ص:  >  >>