للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: التعبير بالسمّع عن (الأذن)، ومنه قوله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ} [البقرة: ٧]، أي على آذانهم فلا يسمعون، وقد يكون المقصود المصدر، كما عُبِّر عن فعل السَّمَاعِ في قوله تعالى: {إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ} [الشعراء: ٢١٢]، وقال تعالى: {أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [ق: ٣٧].

والثاني: التعبير بالسمع عن (الفهم)، قال تعالى: {وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا قالُوا قَدْ سَمِعْنا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا} [الأنفال: ٣١]، وقوله تعالى: {سَمِعْنا وَعَصَيْنا} [النساء: ٤٦]، أي: فهمنا قولك ولم نأتمر لك، وكذلك قوله: {سَمِعْنا وَأَطَعْنا} [البقرة: ٢٨٥]، أي: فهمنا وامتثلنا (١).

الفوائد: .

١ من فوائد الآية: أن الله تعالى أخذ الميثاق على بني إسرائيل بالإيمان؛ لقوله تعالى: {وإذ أخذنا ميثاقكم ... } إلخ ..

٢ ومنها: أن بني إسرائيل ما آمنوا إلا عن كره؛ لأنهم لم يؤمنوا إلا حين رفع فوقهم الطور ..

٣ ومنها: بيان قدرة الله عزّ وجلّ ..

٤ ومنها: أن أمر الكون كله بيد الله عزّ وجلّ، وأنه سبحانه وتعالى قادر على خرق العادات؛ لقوله تعالى: {ورفعنا فوقكم الطور ..

٥ ومنها: وجوب تلقي شريعة الله بالقوة دون الكسل والفتور، لقوله تعالى: {خذوا ما آتيناكم بقوة}.

٦ ومنها: بيان عتوّ بني إسرائيل؛ لقوله تعالى: {قالوا سمعنا وعصينا}؛ وهذا أبلغ ما يكون في العتوّ؛ لأنه كان يمكن أن يكون العصيان عن جهل؛ لكنهم قالوا: {سمعنا وعصينا} ..

٧ ومنها: أن السمع نوعان: سمع استجابة، وسمع إدراك؛ مثال الأول: {خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا}؛ ومثال الثاني: {سمعنا وعصينا}

٨ ومنها: أن المؤمن حقاً لا يأمره إيمانه بالمعاصي؛ لقوله تعالى: {إن كنتم مؤمنين} يعني إن كنتم مؤمنين حقاً ما اتخذتم العجل إلهاً ..

٩ ومنها: أن الشر لا يسنده الله تعالى إلى نفسه؛ بل يذكره بصيغة المبني لما لم يُسمَّ فاعله؛ لقوله تعالى: {وأشربوا في قلوبهم}؛ ولهذا نظير من القرآن، كقوله تعالى: {وأنَّا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشداً} [الجن: ١٠]؛ والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "والشر ليس إليك" (٢)؛ فالشر في المفعول. لا في الفعل؛ الخير والشر كل من خلْق الله عزّ وجلّ؛ لكن الشر بالنسبة لإيجاد الله له هو خير، وليس بشر؛ لأن الله سبحانه وتعالى ما أوجده إلا لحكمة بالغة، وغاية محمودة. وإن كان شراً. لكن الشر في المفعولات. أي المخلوقات؛ وأما نفس الفعل فهو ليس بشر؛ أرأيت الرجل يكوي ابنه بالنار. والنار مؤلمة محرقة. لكنه يريد أن يُشفى. فهذا المفعول الواقع من الفاعل شر مؤلم محرق لكن غايته محمودة. وهو شفاء الولد؛ فيكون خيراً باعتبار غايته ..

١٠ ومن فوائد الآية: أن الله تعالى قد يبتلي العبد، فيملأ قلبه حباً لما يكرهه الله عزّ وجلّ؛ لقوله تعالى: {وأشربوا في قلوبهم العجل}.

١١ ومنها: أن الإيمان الحقيقي لا يحمل صاحبه إلا على طاعة الله؛ لقوله تعالى: {قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين}.

القرآن

{قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٩٤)} [البقرة: ٩٤]

التفسير:


(١) المفردات في غريب القرآن للراغب الأصفهاني: ٤٢٥ - ٤٢٧. (بتصرف بسيط).
(٢) سبق تخريجه ص ٣٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>