للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثالث: {إسرال}، بحذف الهمزة والياء.

وقال ابن عباس: "حضرت عصابة من اليهود نبي الله- صلى الله عليه وسلم، فقال لهم: هل تعلمون أن إسرائيل يعقوب؟ فقالوا: اللهم نعم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: أشهد عليهم" (١).

واختلف في المخاطب في قوله تعالى: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ} [البقرة: ١٢٢]، على وجهين (٢):

أحدهما: أن المخاطب من بني إسرائيل بهذا الخطاب هم المؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم، لأن الكافر لا نعمة لله عليه. قاله مكي (٣).

وعلى هذا القول، يستقيم الضمير في {عَلَيْكُمْ}، ويجيء كل ما توالى من الأوامر على جهة الاستدامة.

والثاني: أن الخطاب لجميع بني إسرائيل في مدة النبي عليه السلام، مؤمنهم وكافرهم، والضمير في {عَلَيْكُمْ}، يراد به على آبائكم كما تقول العرب ألم نهزمكم يوم كذا لوقعة كانت بين الآباء والأجداد. وهو قول ابن عباس (٤)، وجمهور العلماء (٥)، ومنه قول الفرزدق (٦):

وَبَيْتَانِ: بَيْتُ اللهِ نَحْنُ وُلاتُهُ ... وَبَيْتٌ بأعْلَى إِيلِيَاءَ مُشَرَّفُ

يريد أن آباءه في القديم كانوا يلونهما، لا أنه كان يليه.

وقال آخر (٧):

إِذا افْتَخَرَتْ يَوْمًا تَمِيمٌ بِقَوْسِهَا ... فَخَارًا عَلَى مَا أَطَّدَتْ مِنْ مَنَاقِبِ

فَأَنْتُم بِذِي قَارٍ أَمَالَتْ سُيُوفُكُم ... عُرُوشَ الذِينَ اسْتَرْهَنُوا قَوْسَ حَاجِبِ

أراد آباؤكم فعلوا ذلك، لأن المخاطبين بهذا البيت كانوا بعد ذي قار بدهر طويل (٨).

قوله تعالى: {اذكروا نِعْمَتِيَ التي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٢٢]، أي: "اذكروا ما أنعمت به عليكم وعلى آبائكم" (٩).

قال البيضاوي: " أي بالتفكر فيها والقيام بشكرها" (١٠).

قال ابن عثيمين: " أي اذكروها بقلوبكم، واذكروها بألسنتكم، واذكروها بجوارحكم؛ وذلك؛ لأن الشكر يكون في الأمور الثلاثة: في القلب، واللسان، والجوارح" (١١).

وقال السعدي: "وهو يشمل سائر النعم التي سيذكر في هذه السورة بعضها، والمراد بذكرها بالقلب اعترافا، وباللسان ثناء، وبالجوارح باستعمالها فيما يحبه ويرضيه" (١٢).

قال البغوي: "أي: احفظوا نعمي التي أنعمتها على أجدادكم وأسلافكم، والذكر: يكون بالقلب ويكون باللسان وقيل: أراد به الشكر، وذكر بلفظ الذكر لأن في الشكر ذكرا وفي الكفران نسيانا، قال الحسن: "ذكر النعمة شكرها" (١٣) " (١٤).


(١) أخرجه ابن أبي حاتم (٤٣٣): ص ١/ ٩٤.
(٢) أنظر: المحرر الوجيز: ١/ ١٣٣.
(٣) نقلا عن: المحرر الوجيز: ١/ ١٣٣.
(٤) تفسير الطبري (٨٠٠): ص ١/ ٥٥٥.
(٥) نقل قول الجمهور ابن عطية، أنظر: المحرر الوجيز: ١/ ١٣٣.
(٦) البيت في "ديوان الفرزدق" ٢/ ٣٢، "معجم البلدان" ١/ ٢٩٣، وإيلياء: بيت المقدس.
(٧) البيتان لأبي تمام، وقوله: "ذي قار" يوم من أيام العرب، كان لهم على الفرس، وحاجب: هو ابن زرارة بن عدس، كان أرهن سيفه لكسرى، انظر: "ديوان أبي تمام مع شرحه" ١/ ١٠٩، "معجم البلدن" ٤/ ٢٩٤.
(٨) أنظر: التفسير البسيط: ٢/ ٤٢٦ - ٤٢٧.
(٩) صفوة التفاسير: ١/ ٤٦.
(١٠) تفسير البيضاوي: ١/ ٧٥,
(١١) تفسير ابن عثيمين: ١/ ١٤٣.
(١٢) تفسير السعدي: ٥٠.
(١٣) رواه ابن مبارك في الزهد (١٤٣٤): ص ٥٠٣، ومن طريقه ابن أبي دنيا في (الشكر): (٣٣)، ومن طريقه البيهقي في الشعبي (٤٤٢١): ص ٤/ ١٠٢، و (٤١٠٧): ص ٨/ ٣٦٥، واللفظ فيها: "أكثروا ذكر هذه النعم، فإن ذكرها شكر". وانظر: البغوي: في تفسيره: ١/ ٨٦، وأبو حيان: ٤/ ٥٥.
(١٤) أنظر: تفسير البغوي: ١/ ٨٦. (بتصرف بسيط).

<<  <  ج: ص:  >  >>