للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: إنها عشر خصال، ست في الإنسان وأربع في المشاعر، فالتي في الإنسان: حلق العانة، والختان، ونتف الإبط، وتقليم الأظفار، وقص الشارب، والغسل يوم الجمعة. وأربعة في المشاعر: الطواف، والسعي بين الصفا والمروة، ورمي الجمار، والإفاضة". وهذا قول ابن عباس في رواية حنش عنه (١).

الرابع: أنها قوله: {إني جاعلك للناس إماما}، في مناسك الحج. قاله أبو صالح (٢)، وروي عن مجاهد (٣)، وعكرمة (٤)، والربيع (٥) وابن عباس (٦) نحو ذلك.

الخامس: أنها مناسك الحج خاصة. وهذا قول ابن عباس في رواية قتادة عنه (٧).

السادس: أنها أمور، منهن الختان. قاله الشعبي (٨).

السابع: أنها الخلال الست: الكوكب، والقمر، والشمس، والنار، والهجرة، والختان، التي ابتلي بهن فصبر عليهن. وهذا قول الحسن (٩)،

عن أبي رجاء، قال: قلت للحسن: " وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن ". قال: ابتلاه بالكوكب، فرضي عنه؛ وابتلاه بالقمر، فرضي عنه؛ وابتلاه بالشمس، فرضي عنه؛ وابتلاه بالنار، فرضي عنه؛ وابتلاه بالهجرة، وابتلاه بالختان" (١٠).

الثامن: أنها: قوله: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولا مِنْهُمْ} [البقرة: ١٢٧ - ١٢٩]. قاله السدي (١١).

والصواب: أن هذه الكلمات التي هي محل الابتلاء والاختبار، أطلقها الله سبحانه وتعالى؛ فهي كلمات كونية؛ وشرعية؛ أو جامعة بينهما؛ واختلف المفسرون في هذه الكلمات؛ وأصح الأقوال فيها أن كل ما أمره به شرعاً، أو قضاه عليه قدراً، فهو كلمات؛ فمن ذلك أنه ابتُلي بالأمر بذبح ابنه، فامتثل؛ لكن الله سبحانه وتعالى رفع ذلك عنه حين استسلم لربه؛ وهذا من الكلمات الشرعية؛ وهذا امتحان من أعظم الامتحانات؛ ومن ذلك أن الله امتحنه بأن أوقدت له النار، وأُلقي فيها؛ وهذا من الكلمات الكونية؛ وصبر، واحتسب؛ فأنجاه الله منها، وقال تعالى: {يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم} [الأنبياء: ٦٩]؛ وكل ما قدره الله عليه مما يحتاج إلى صبر، ومصابرة، أو أمره به فهو داخل في قوله تعالى: {بكلمات}.

وَاخْتلفُوا فِي قَوْله تعالى: {إِبْرَاهِيم} [البقرة: ١٢٤]، على ثلاثة أوجه من القراءات (١٢):

أحدها: {إبرهم}، بِغَيْر يَاء وَطلب الْألف، قَرَأَ بها ابْن عَامر، فِي جَمِيع سورة البقرة.


(١) انظر: تفسير الطبري (١٩١٤): ص ٢/ ١٠.
(٢) انظر: تفسير الطبري (١٩١٥)، و (١٩١٦): ص ٢/ ١٠ - ١١.
(٣) انظر: تفسير الطبري (١٩١٧)، و (١٩١٨)، و (١٩٢٠)، و (١٩٢١): ص ٢/ ١١.
(٤) انظر: تفسير الطبري (١٩١٩)، و (١٩٢٠): ص ٢/ ١١.
(٥) انظر: تفسير الطبري (١٩٢٢): ص ٢/ ١١ - ١٢.
(٦) انظر: تفسير الطبري (١٩٢٣): ص ٢/ ١٢.
(٧) انظر: تفسير الطبري (١٩٢٣): ص ٣/ ١٢.
هذا الإسناد ضعيف من ناحيتين. أما سلم - بفتح السين وسكون اللام - ابن قتيبة أبو قتيبة: فإنه ثقة، خرج له البخاري في صحيحه. وأما الضعف، فلأن " عمر بن نبهان الغبري " بضم الغين المعجمة وفتح الباء الموحدة: ضعيف جدا، ذمه الإمام أحمد، وقال ابن معين: ليس بشيء. وهو مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم ٣/ ١/١٣٨. والوجه الآخر من الضعف: أنه منقطع، لأن قتادة لم يدرك ابن عباس.
(٨) انظر: تفسير الطبري (١٩٣٠)، و (١٩٣١)، و (١٩٣٢): ص ٣/ ١٣ - ١٤.
(٩) انظر: تفسير الطبري (١٩٣٣)، و (١٩٣٤)، و (١٩٣٥)، و (١٩٣٦): ص ٢/ ١٤.
(١٠) أخرجه الطبري (١٩٣٣): ص ٢/ ١٤.
(١١) انظر: تفسير الطبري (١٩٣٧): ص ٢/ ١٤ - ١٥.
(١٢) انظر: السبعة: ١٦٩ - ١٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>