للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الطبري: أي" وإذ جعلنا البيت مرجعا للناس ومعاذا، يأتونه كل عام ويرجعون إليه، فلا يقضون منه وطرا" (١).

قال الصابوني: "أي واذكر حين جعلنا الكعبة المعظمة مرجعاً للناس يقبلون عليه من كل جانب" (٢).

قال المراغي: " أي واذكروا حين أن جعلنا البيت الحرام مرجعا للناس يثوبون إليه للعبادة، ويقصدونه لأداء المناسك فيه، وجعلناه أمنا لاحترام الناس له وتعظيمهم إياه بعدم سفك دم فيه، حتى كان يرى الرجل قاتل أبيه في الحرم فلا يتعرّض له بسوء ونحو الآية قوله في سورة العنكبوت: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ، أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ} [العنكبوت: ٦٧] " (٣).

قال البيضاوي: أي: " مرجعاً يثوب إليه أعيان الزوار أو أمثالهم، أو موضع ثواب يثابون بحجه واعتماره" (٤).

قال السعدي: " أي: مرجعا يثوبون إليه، لحصول منافعهم الدينية والدنيوية، يترددون إليه، ولا يقضون منه وطرا" (٥).

و{البيت}: اسم غالب للكعبة كالنجم للثريا (٦).

وفي {البيت} في الآية قولان:

أحدهما: أنه الكعبة، وإلى ذلك ذهب زيد بن أسلم (٧). واختاره القرطبي (٨)، وابن الجوزي (٩)، والواحدي (١٠)، والبغوي (١١)، وابن عطية (١٢)، وعزاه أبو حيان لجمهور المفسرين (١٣)، ويشهد له قوله تعالى: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ} [المائدة: ٩٧].

الثاني: أنه الحرم كله؛ لأنه تعالى وصفه بكونه (آمِنَاً) وهذه صفة جميع الحرم لا صفة الكعبة فقط. قاله الرازي (١٤).

والقولان محتملان، والثاني أولى لما ذكره الرازي وأبو حيان، والله أعلم.

وفي تفسير قوله تعالى: {مَثَابَةً لِلنَّاسِ} [البقرة: ١٢٥]، ثلاثة أوجه:

أحدها: مجمعاً، لاجتماع الناس عليه في الحج والعمرة. وهذا قول سعيد بن جبير (١٥)، وروي عن عكرمة وعطاء الخراساني وقتادة (١٦)، نحو ذلك (١٧).

والثاني: معاذاً للناس. قاله ابن عباس (١٨).


(١) تفسير الطبري: ٢/ ٢٥.
(٢) صفوة التفاسير: ١/ ٨٣.
(٣) تفسير المراغي: ١/ ٢١١.
(٤) تفسير البيضاوي: ١/ ١٠٥.
(٥) تفسير السعدي: ٦٥.
(٦) انظر: تفسير الكشاف: ١/ ٣٠٩، وتفسير البيضاوي: ١/ ٨١، والمحرر الوجيز: ١/ ٢٠٧، وتفسير أبي السعود: ١/ ١٥٦، وتفسير فتح القدير: ١/ ٢٠٤، وروح المعاني: ١/ ٣٧٨.
(٧) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (١١٨٩): ص ١/ ٢٢٤.
(٨) انظر: تفسير القرطبي: ٢/ ١١٠.
(٩) انظر: زاد المسير: ١/ ١٤١.
(١٠) انظر: الوسيط: ١/ ٢٠٣.
(١١) انظر: تفسير البغوي: ١/ ١٤٦
(١٢) انظر: المحرر الوجيز: ١/ ٣٥١.
(١٣) انظر: البحر المحيط: ١/ ٣٧٩.
(١٤) انظر: مفاتيح الغيب: ٤/ ٥٠، والبحر المحيط لأبي حيان: ١/ ٣٧٩.
(١٥) انظر: تفسير ابن أبي حاتم (١١٩٢): ص ١/ ٢٢٥.
(١٦) انظر: تفسير الطبري (١٩٧٥): ص ٢/ ٢٨.
(١٧) تنظر: تفسير ابن أبي حاتم: ١/ ٢٢٥.
(١٨) انظر: البحر المحيط: ١/ ٣٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>